وَشَجَرِ الصَّفْصَافِ وَأَوْرَاقِ التُّوتِ بِأَغْصَانِهَا لِلتَّعَامُلِ. وَفِي الْقُنْيَةِ: بَاعَ أَوْرَاقَ تُوتٍ لَمْ تُقْطَعْ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ جَازَ وَبِسَنَتَيْنِ لَا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَبَهُ مَوْضِعُ قَطْعِهِ عُرْفًا (وَجِذْعٍ) مُعَيَّنٍ (فِي سَقْفٍ) أَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا (وَذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ) فَلَوْ قُطِعَ وَسُلِّمَ قَبْلَ فَسْخِ الْمُشْتَرِي عَادَ صَحِيحًا، وَلَوْ لَمْ يَضُرَّهُ الْقَطْعُ كَكِرْبَاسٍ جَازَ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ
(وَضَرْبَةِ الْقَانِصِ) بِقَافٍ وَنُونٍ الصَّائِدُ
ــ
[رد المحتار]
عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: اشْتَرَى رَطْبَةً مِنْ الْبُقُولِ أَوْ قِثَّاءَ أَوْ شَيْئًا يَنْمُو سَاعَةً فَسَاعَةً لَا يَجُوزُ كَبَيْعِ الصُّوفِ، وَبَيْعُ قَوَائِمِ الْخِلَافِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ يَنْمُو؛ لِأَنَّ نُمُوَّهَا مِنْ الْأَعْلَى، بِخِلَافِ الرَّطْبَاتِ إلَّا الْكُرَّاثِ لِلتَّعَامُلِ وَمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ لَا يَجُوزُ اهـ.
قُلْت: وَقَوْلُهُ لِلتَّعَامُلِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ إلَّا الْكُرَّاثَ فَقَطْ، وَإِلَّا فَكَوْنُ قَوَائِمِ الْخِلَافِ تَنْمُو مِنْ الْأَعْلَى، بِخِلَافِ الرَّطْبَاتِ يُفِيدُ الْجَوَازَ بِلَا حَاجَةٍ إلَى التَّعْلِيلِ بِالتَّعَامُلِ. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ هُنَا عَنْ الْفَضْلِيِّ تَصْحِيحَ عَدَمِ الْجَوَازِ فِي قَوَائِمِ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَنْمُو مِنْ أَعْلَاهُ فَمَوْضِعُ الْقَطْعِ مَجْهُولٌ، كَمَنْ اشْتَرَى شَجَرَةً لِلْقَطْعِ لَا يَجُوزُ لِجَهَالَةِ مَوْضِعِ الْقَطْعِ لَكِنْ فِي الْفَتْحِ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ إذْ لَا بُدَّ لِلْقَطْعِ مِنْ حَفْرِ الْأَرْضِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ لِلتَّعَامُلِ. وَفِي الصُّغْرَى الْقِيَاسُ فِي بَيْعِ الْقَوَائِمِ الْمَنْعُ، لَكِنْ جَازَ لِلتَّعَامُلِ، وَبَيْعُ الْكُرَّاثِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ يَنْمُو مِنْ أَسْفَلِهِ لِلتَّعَامُلِ أَيْضًا، وَبِهِ يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْفَضْلِيُّ عَلَى الْمَنْعِ فِي الْقَوَائِمِ لِمَنْ تَأَمَّلَ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَشَجَرُ الصَّفْصَافِ) أَيْ قَوَائِمُ شَجَرِهِ أَيْ أَغْصَانِهِ (قَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ بَاعَ أَوْرَاقَ تُوتٍ) أَيْ مَعَ أَغْصَانِهَا. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: اشْتَرَى أَوْرَاقَ التُّوتِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ الْقَطْعِ لَكِنَّهُ مَعْلُومٌ عُرْفًا صَحَّ، وَلَوْ تَرَكَ الْأَغْصَانَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ بَاعَ أَوْرَاقَ تُوتٍ لَمْ يُقْطَعْ قَبْلُ بِسَنَةٍ يَجُوزُ، وَبِسَنَتَيْنِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بِسَنَةٍ يُعْلَمُ مَوْضِعُ قَطْعِهَا عُرْفًا. اهـ (قَوْلُهُ وَجِذْعٌ) هُوَ الْقِطْعَةُ مِنْ النَّخْلِ أَوْ غَيْرِهِ تُوضَعُ عَلَيْهَا الْأَخْشَابُ نَهْرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِضَرَرٍ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا لَا يَجُوزُ أَيْضًا لِمَا ذَكَرْنَا وَلِلْجَهَالَةِ أَيْضًا هِدَايَةٌ، فَقَوْلُهُ مُعَيَّنٌ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْفَسَادِ بَلْ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ إلَخْ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ فَلَوْ قَطَعَ وَسَلَّمَ ط.
(قَوْلُهُ فَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَذَكَرَ الزَّاهِدِيُّ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ لَا يَنْقَلِبُ بِالتَّسْلِيمِ صَحِيحًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ مُعَلَّلٌ بِلُزُومِ الضَّرَرِ وَالْجَهَالَةِ فَإِذَا تَحَمَّلَ الْبَائِعُ الضَّرَرَ وَسَلَّمَهُ زَالَ الْمُفْسِدُ وَارْتَفَعَتْ الْجَهَالَةُ أَيْضًا، وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ فِي الْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ يَعُودُ صَحِيحًا اهـ. قُلْت: وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ عَنْ الزَّاهِدِيِّ عَنْ شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ عَكْسُ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي النَّهْرِ فَلْيُرَاجَعْ، نَعَمْ عِبَارَةُ ابْنِ كَمَالٍ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ أَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ لَا يَعُودُ صَحِيحًا، وَعَزَاهُ إلَى الزَّاهِدِيِّ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيُّ (قَوْلُهُ يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ) كَالثَّوْبِ الْمُهَيَّأِ لِلُّبْسِ زَيْلَعِيٌّ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ حِلْيَةٍ مِنْ سَيْفٍ أَوْ نِصْفِ زَرْعٍ لَمْ يُدْرَكْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِقَطْعِ جَمِيعِهِ، وَكَذَا بَيْعُ فَصِّ خَاتَمٍ مُرَكَّبٍ فِيهِ، وَكَذَا نَصِيبُهُ مِنْ ثَوْبٍ مُشْتَرَكٍ مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ وَذِرَاعٍ مِنْ خَشَبَةٍ لِلضَّرَرِ فِي تَسْلِيمِ ذَلِكَ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا الْتَزَمَهُ مِنْ الضَّرَرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ الْعَقْدَ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ بَحْرٌ وَفَتْحٌ. وَفِي بَيْعِ نِصْفِ الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ كَلَامٌ طَوِيلٌ قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ كِتَابِ الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ جَازَ) كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ) عِلَّةٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَضَرْبَةُ الْقَانِصِ) مِنْ قَنَصَ قَنْصًا عَلَى حَدِّ ضَرَبَ صَادَ كَمَا فِي الصِّحَاحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute