وَجَزَمَ الْبُرْجَنْدِيُّ بِبُطْلَانِهِ
(وَلُؤْلُؤٍ فِي صَدَفٍ) لِلْغَرَرِ (وَصُوفٍ عَلَى ظَهْرِ غَنَمٍ) وَجَوَّزَهُ الثَّانِيَ وَمَالِكٌ. وَفِي السِّرَاجِ: لَوْ سَلَّمَ الصُّوفَ وَاللَّبَنَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَنْقَلِبْ صَحِيحًا، وَكَذَا كُلُّ مَا اتِّصَالُهُ خِلْقِيٌّ كَجِلْدِ حَيَوَانٍ وَنَوَى تَمْرٍ وَبُنٍّ وَبِطِّيخٍ، لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَعْدُومٌ عُرْفًا، وَإِنَّمَا صَحَّحُوا بَيْعَ الْكُرَّاثِ
ــ
[رد المحتار]
فِيهِمَا، لَكِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَاطِلٌ فِي الْهِبَةِ جَائِزٌ فِي الْوَصِيَّةِ كَمَا عَلِمْت فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ الْبُرْجَنْدِيُّ بِبُطْلَانِهِ) قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: ذَكَرُوا فِي فَسَادِهِ عِلَّتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَبَنٌ أَوْ دَمٌ أَوْ رِيحٌ، وَهَذِهِ تَقْتَضِي بُطْلَانَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مَشْكُوكُ الْوُجُودِ فَلَا يَكُونُ مَالًا، وَالْأُخْرَى أَنَّ اللَّبَنَ يُوجَدُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَيَخْتَلِطُ مِلْكُ الْمُشْتَرِي بِمِلْكِ الْبَائِعِ. اهـ أَيْ وَهَذِهِ تَقْتَضِي الْفَسَادَ ط. قُلْت: مُقْتَضَى الْفَسَادِ لَا يُنَافِي مُقْتَضَى الْبُطْلَانِ بَلْ بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ مَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمَشْرُوعِيَّةِ أَصْلًا فَلِذَا جَزَمَ بِبُطْلَانِهِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ لِلْغَرَرِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، فَهُوَ مِثْلُ اللَّبَنِ رَمْلِيٌّ.
قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي التَّجْنِيسِ: رَجُلٌ اشْتَرَى لُؤْلُؤَةً فِي صَدَفٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ الْبَيْعُ جَائِزٌ، وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْبَيْعُ بَاطِلٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ تُرَابَ الذَّهَبِ وَالْحُبُوبَ فِي غِلَافِهَا حَيْثُ يَجُوزُ لِكَوْنِهَا مَعْلُومَةً وَيُمْكِنُ تَجْرِبَتُهَا بِالْبَعْضِ أَيْضًا. اهـ قَالَ فِي النَّهْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ الْجَوْزُ الْهِنْدِيُّ (قَوْلُهُ وَصُوفٌ عَلَى ظَهْرِ غَنَمٍ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ قَبْلَ الْجَزِّ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ وَصْفِ الْحَيَوَانِ لِقِيَامِهِ بِهِ كَسَائِرِ أَطْرَافِهِ وَ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ مِنْ أَسْفَلَ فَيَخْتَلِطُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ كَمَا قُلْنَا فِي اللَّبَنِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَجَوَّزَهُ الثَّانِي) هُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ لَمْ يَنْقَلِبْ صَحِيحًا) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ وَقَعَ بَاطِلًا وَإِلَّا لَصَحَّ بِزَوَالِ الْمُفْسِدِ كَمَا سَيَتَّضِحُ فِي بَيْعِ الْآبِقِ وَهُوَ أَيْضًا مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفُ ذَكَرَهُ فِي الْبَاطِلِ (قَوْلُهُ وَكَذَا كُلُّ مَا اتِّصَالُهُ خِلْقِيٌّ) بِخِلَافِ اتِّصَالِ الْجِذْعِ وَالثَّوْبِ فَإِنَّهُ بِصُنْعِ الْعِبَادِ ابْنُ مَلَكٍ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَعْدُومٌ عُرْفًا) أَيْ مَرَّ فِي فَصْلِ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا عِنْدَ قَوْلِهِ كَبَيْعِ بُرٍّ فِي سُنْبُلِهِ، وَبَيَّنَّاهُ هُنَاكَ بِأَنَّهُ يُقَالُ هَذَا تَمْرٌ وَقُطْنٌ، وَلَا يُقَالُ هَذَا نَوًى فِي تَمْرِهِ وَلَا حَبٌّ فِي قُطْنِهِ، وَيُقَالُ هَذِهِ حِنْطَةٌ فِي سُنْبُلِهَا وَهَذَا لَوْزٌ وَفُسْتُقٌ فِي قِشْرَهُ، وَلَا يُقَالُ هَذِهِ قُشُورٌ فِيهِمَا لَوْزٌ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا صَحَّحُوا إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو يُوسُفَ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ كَمَا فِي الْكُرَّاثِ وَقَوَائِمِ الْخِلَافِ - بِالْكَسْرِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ - نَوْعٌ مِنْ الصَّفْصَافِ أَيْ مَعَ أَنَّهَا تَزِيدُ، وَالْجَوَابُ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ أَنَّهُ أُجِيزَ فِي الْكُرَّاثِ وَالْقَوَائِمِ لِلتَّعَامُلِ، إذْ لَا نَصَّ فِيهِ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ اهـ. وَأَيْضًا فَالْقَوَائِمُ تَزِيدُ مِنْ أَعْلَاهَا أَيْ فَلَا يَحْصُلُ اخْتِلَاطُ الْمَبِيعِ بِغَيْرِهِ، بِخِلَافِ الصُّوفِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالْخِضَابِ كَمَا أَفَادَهُ الزَّيْلَعِيُّ. وَفِي الْبَحْرِ مِنْ فَصْلِ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute