(وَ) بَيْعُ (الْحَمْلِ) أَيْ الْجَنِينِ، وَجَزَمَ فِي الْبَحْرِ بِبُطْلَانِهِ كَالنِّتَاجِ (وَأَمَةٍ إلَّا حَمْلَهَا) لِفَسَادِهِ بِالشَّرْطِ، بِخِلَافِ هِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ (وَلَبَنٍ فِي ضَرْعٍ)
ــ
[رد المحتار]
قَالَ ح: أَقُولُ: فَرْقُ مَا بَيْنَ الْحَمَامِ وَالْآبِقِ، فَإِنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَقْضِ بِعَوْدِهِ غَالِبًا، بِخِلَافِ الْحَمَامِ، وَمَا ادَّعَاهُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ عَقِبَهُ، إنْ أَرَادَ بِهِ الْقُدْرَةَ حَقِيقَةً فَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَإِلَّا لَاشْتُرِطَ حُضُورَ الْمَبِيعِ مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَأَحَدٌ لَا يَقُولُ بِهِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْقُدْرَةَ حُكْمًا كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ هَذَا، فَمَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ لِحُكْمِ الْعَادَةِ بِعَوْدِهِ اهـ.
قُلْت: وَهُوَ وَجِيهٌ فَهُوَ نَظِيرُ الْعَبْدِ الْمُرْسَلِ فِي حَاجَةِ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ وَقْتَ الْعَقْدِ حُكْمًا إذْ الظَّاهِرُ عَوْدُهُ، وَلَوْ أَبَقَ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي فَسْخِ الْعَقْدِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَهُنَا كَذَلِكَ، لَكِنْ لِيُنْظَرْ مَتَى يُحْكَمُ بِفَسْخِ الْعَقْدِ لِعَدَمِ عَوْدِ ذَلِكَ الطَّائِرِ فَإِنَّهُ مَا دَامَ مُحْتَمَلُ الْحَيَاةِ يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ. [تَنْبِيهٌ] فِي الذَّخِيرَةِ: بَاعَ بُرْجَ حَمَامٍ، فَإِنْ لَيْلًا جَازَ، وَلَوْ نَهَارًا فَلَا؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ يَكُونُ خَارِجَ الْبَيْتِ فَلَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ إلَّا بِالِاحْتِيَالِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَأَمَّلْ.، وَفِيهِ أَلْغَزَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
يَا إمَامًا فِي فِقْهِ نُعْمَانَ أَضْحَى ... حَائِزَ السَّبْقِ مُفْرَدًا لَا يُجَارَى
أَيُّ بَيْتٍ يَجُوزُ بَيْعُكَ إيَّا ... هـ بِلَيْلٍ وَلَا يَجُوزُ نَهَارَا.
(قَوْلُهُ وَبَيْعُ الْحَمْلِ) بِسُكُونِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ فِي الْبَحْرِ بِبُطْلَانِهِ) «لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ» ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ بَيْعَ الثَّلَاثَةِ بَاطِلٌ، وَاعْتَرَضَ فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ التَّعْلِيلَ بِالْغَرَرِ، وَهُوَ الشَّكُّ فِي وُجُودِهِ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُ الشَّيْءِ الْمَلْفُوفِ الْمَوْصُوفِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُوجَدَ شَيْءٌ أَوْ وَصْفُهُ الْمَذْكُورُ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِجَوَازِهِ. اهـ. قُلْت: فِيهِ أَنَّهُ لَا غَرَرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْهُلُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْحَمْلِ فَتَدَبَّرْ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ: فَلَوْ بَاعَ الْحَمْلَ وَوَلَدَتْ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَسَلَّمَ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ لِفَسَادِهِ بِالشَّرْطِ) ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ، وَالْحَمْلُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ فَكَذَا اسْتِثْنَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَطْرَافِ فَصَارَ شَرْطًا فَاسِدًا، وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْبَائِعِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ.
مَطْلَبٌ اسْتِثْنَاءُ الْحَمْلِ فِي الْعُقُودِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ ثُمَّ اسْتِثْنَاءُ الْحَمْلِ فِي الْعُقُودِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ: فِي وَجْهٍ: يَفْسُدُ الْعَقْدُ وَالِاسْتِثْنَاءُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ؛ لِأَنَّهَا تُبْطِلُهَا الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ، وَفِي وَجْهٍ: الْعَقْدُ جَائِزٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَفِي وَجْهٍ: يَجُوزَانِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ، كَمَا لَوْ أَوْصَى بِجَارِيَةٍ إلَّا حَمْلَهَا، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِحَمْلِهَا لِآخَرَ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ، وَالْمِيرَاثُ يَجْرِي فِي الْحَمْلِ فَكَذَا الْوَصِيَّةُ، بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ زَيْلَعِيٌّ مُلَخَّصًا أَيْ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِأَمَةٍ إلَّا خِدْمَتَهَا لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَا يَجْرِي فِيهَا وَالْغَلَّةُ كَالْخِدْمَةِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ هِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ) أَيْ حَيْثُ يَصِحُّ الْعَقْدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute