للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَإِنْ أَدَانَهُ حَرْبِيٌّ دَيْنًا بِبَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَبِعَكْسِهِ أَوْ غَصَبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَخَرَجَ إلَيْنَا لَمْ نَقْضِ) لِأَحَدٍ (بِشَيْءٍ) لِأَنَّهُ مَا الْتَزَمَ حُكْمَ الْإِسْلَامِ فِيمَا مَضَى بَلْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ (وَيُفْتَى الْمُسْلِمُ بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ) زَيْلَعِيٌّ، زَادَ الْكَمَالُ (وَ) بِرَدِّ (الدَّيْنِ) أَيْضًا (دِيَانَةً) لَا قَضَاءً لِأَنَّهُ غَدْرٌ (وَكَذَا الْحُكْمُ) يَجْرِي (فِي حَرْبِيَّيْنِ فَعَلَا ذَلِكَ) أَيْ الْإِدَانَةَ وَالْغَصْبَ (ثُمَّ اسْتَأْمَنَا) لِمَا بَيَّنَّا

(خَرَجَ حَرْبِيٌّ مَعَ مُسْلِمٍ إلَى الْعَسْكَرِ فَادَّعَى الْمُسْلِمُ أَنَّهُ أَسِيرُهُ وَقَالَ) الْحَرْبِيُّ (كُنْت مُسْتَأْمَنًا فَالْقَوْلُ لِلْحَرْبِيِّ إلَّا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ) كَكَوْنِهِ مَكْتُوفًا أَوْ مَغْلُولًا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ بَحْرٌ

(وَإِنْ خَرَجَا) أَيْ الْحَرْبِيَّانِ (مُسْلِمَيْنِ) وَتَحَاكَمَا (قَضَى بَيْنَهُمَا بِالدَّيْنِ) لِوُقُوعِهِ صَحِيحًا لِلتَّرَاضِي (وَ) أَمَّا (الْغَصْبُ فَ) لَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مِلْكُهُ

(قَتَلَ أَحَدُ الْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَأْمِنِينَ صَاحِبَهُ) عَمْدًا أَوْ خَطَأً (تَجِبُ الدِّيَةُ) لِسُقُوطِ الْقَوَدِ ثَمَّةَ كَالْحَدِّ (فِي مَالِهِ) فِيهِمَا لِتَعَذُّرِ الصِّيَانَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ مَعَ تَبَايُنِ الدَّارَيْنِ (وَالْكَفَّارَةِ) أَيْضًا (فِي الْخَطَأِ) لِإِطْلَاقِ النَّصِّ

(وَفِي) قَتْلِ أَحَدِ (الْأَسِيرَيْنِ) الْآخَرَ (كُفْرٌ فَقَطْ) لِمَا مَرَّ بِلَا دِيَةٍ (فِي الْخَطَأِ) وَلَا شَيْءَ فِي الْعَمْدِ أَصْلًا لِأَنَّهُ بِالْأَسْرِ

ــ

[رد المحتار]

بَاشَرُوا الْوَطْءَ عَلَى تَأْوِيلِ الْمِلْكِ فَتَجِبُ الْعِدَّةُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ. اهـ. .

(قَوْلُهُ فَإِنْ أَدَانَهُ التَّاجِرُ) الَّذِي دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ (قَوْلُهُ بِبَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ) ظَاهِرُهُ شُمُولُ الدَّيْنِ لِلْقَرْضِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْمُغْرِبِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْقَامُوسِ. وَفِي طِلْبَةِ الطَّلَبَةِ مَا حَاصِلُهُ: إنَّ مَنْ قَصَرَ الْمُدَايَنَةَ عَلَى الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ شَدَّدَ فَقَالَ ادَّانَ مِنْ بَابِ الِافْتِعَالِ، وَمَنْ أَدْخَلَ فِيهِ الْقَرْضَ وَنَحْوَهُ - مِمَّا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ بِالْعَقْدِ أَوْ الِاسْتِهْلَاكِ خَفَّفَ وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَبِعَكْسِهِ) أَيْ بِأَنْ أَدَانَ حَرْبِيًّا (قَوْلُ لِأَنَّهُ مَا الْتَزَمَ إلَخْ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَسْتَدْعِي الْوِلَايَةَ وَيَعْتَمِدُهَا وَلَا وِلَايَةَ وَقْتَ الْإِدَانَةِ أَصْلًا إذْ لَا قُدْرَةَ لِلْقَاضِي فِيهِ عَلَى مَنْ هُوَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَا وَقْتَ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُسْتَأْمِنِ لِأَنَّهُ مَا الْتَزَمَ حُكْمَ الْإِسْلَامِ فِيمَا مَضَى مِنْ أَفْعَالِهِ، وَإِنَّمَا الْتَزَمَهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ وَالْغَصْبُ فِي دَارِ الْحَرْبِ سَبَبٌ يُفِيدُ الْمِلْكَ لِأَنَّهُ اسْتِيلَاءٌ عَلَى مَالٍ مُبَاحٍ غَيْرِ مَعْصُومٍ فَصَارَ كَالْإِدَانَةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَقْضِي بِالدَّيْنِ عَلَى الْمُسْلِمِ دُونَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ حَيْثُ كَانَ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْمِنِ امْتَنَعَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ أَيْضًا تَحْقِيقًا لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا. اهـ.

مُلَخَّصًا قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ فَإِنَّ وُجُوبَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا لَيْسَ فِي أَنْ يُبْطِلَ حَقَّ أَحَدِهِمَا بِلَا مُوجِبٍ لِوُجُوبِ إبْطَالِ حَقِّ الْآخَرِ بِمُوجِبٍ بَلْ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْإِقْبَالِ وَالْإِقَامَةِ وَالْإِجْلَاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ غَدَرَ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِالْأَمَانِ أَنْ لَا يَغْدِرَهُمْ، وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ لِمَا ذَكَرْنَا زَيْلَعِيٌّ: أَيْ مِنْ أَنَّهُ اسْتِيلَاءٌ عَلَى مَالٍ مُبَاحٍ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمِلْكَ حَصَلَ بِالِاسْتِيلَاءِ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالرَّدِّ لَكِنَّهُ بِسَبَبٍ مَحْظُورٍ وَهُوَ الْغَدْرُ فَأَوْرَثَ خُبْثًا فِي الْمِلْكِ فَلِذَا يُفْتَى بِالرَّدِّ دِيَانَةً فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِمَا بَيَّنَّا) فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ مَا الْتَزَمَ حُكْمَ الْإِسْلَامِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ كَكَوْنِهِ مَكْتُوفًا أَوْ مَغْلُولًا) أَوْ مَعَ عَدَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ لِوُقُوعِهِ صَحِيحًا) أَيْ وَالْوِلَايَةُ ثَابِتَةٌ حَالَةَ الْقَضَاءِ لِالْتِزَامِهِمَا الْأَحْكَامَ بِالْإِسْلَامِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِلتَّرَاضِي) عِلَّةٌ لِكَوْنِهِ صَحِيحًا (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ أَوَّلَ الْبَابِ السَّابِقِ، وَلَا يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ لِأَنَّ مِلْكَهُ صَحِيحٌ لَا خُبْثَ فِيهِ نَهْرٌ: أَيْ لِأَنَّهُ لَا غَدْرَ فِيهِ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْمِنِ.

(قَوْلُهُ لِسُقُوطِ الْقَوَدِ) أَيْ فِي الْعَمْدِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْقَوَدِ إلَّا بِمَنَعَةٍ وَلَا مَنَعَةَ دُونَ الْإِمَامِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَالْحَدِّ) أَيْ كَسُقُوطِ الْحَدِّ لَوْ زَنَى أَوْ سَرَقَ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ الصِّيَانَةِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فِي مَالِهِ: أَيْ لَا عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّ وُجُوبَ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِسَبَبِ تَرْكِهِمْ صِيَانَتَهُ عَنْ الْقَتْلِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهَا مَعَ تَبَايُنِ الدَّارَيْنِ، وَهَذَا فِي الْخَطَإِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ وَلِأَنَّ الْعَوَاقِلَ لَا تَعْقِلُ الْعَمْدَ (قَوْلُهُ لِإِطْلَاقِ النَّصِّ) هُوَ قَوْله تَعَالَى - {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢]- بِلَا تَقْيِيدٍ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْحَرْبِ دُرَرٌ.

(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ إطْلَاقِ النَّصِّ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ فِي الْعَمْدِ أَصْلًا) أَيْ لَا كَفَّارَةَ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي الْعَمْدِ عِنْدَنَا وَلَا قَوَدَ لِمَا ذَكَرَهُ وَهَذَا عِنْدَهُ وَقَالَا فِي الْأَسِيرَيْنِ الدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بِالْأَسْرِ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْفَرْقِ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ بَيْنَ الْمُسْتَأْمَنِينَ وَالْأَسِيرَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>