للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا لِتَنَفُّسٍ أَوْ سُعَالٍ أَوْ جُشَاءٍ أَوْ عُطَاسٍ أَوْ ثِقَلِ لِسَانٍ أَوْ إمْسَاكِ فَمٍ أَوْ فَاصِلٍ مُفِيدٍ لِتَأْكِيدٍ أَوْ تَكْمِيلٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ طَلَاقٍ، أَوْ نِدَاءٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ أَوْ يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ بَزَّازِيَّةٌ وَخَانِيَّةٌ، بِخِلَافِ الْفَاصِلِ اللَّغْوِ كَأَنْتِ طَالِقٌ رَجْعِيًّا إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَعَ وَبَائِنًا لَا يَقَعُ؛ وَلَوْ قَالَ: رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا يَقَعُ بِنِيَّةِ الْبَائِنِ لَا الرَّجْعِيِّ قُنْيَةٌ

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثًا تَقَعُ وَاحِدَةٌ

وَفِي الْخَانِيَّةِ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثًا، إنْ كَانَ سُكُوتُهُ لِانْقِطَاعِ النَّفَسِ تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَإِلَّا تَقَعُ وَاحِدَةٌ. وَفِي أَيْمَانِ الْبَزَّازِيَّةِ: أَخَذَهُ الْوَالِي وَقَالَ بِاَللَّهِ فَقَالَ مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ لَتَأْتِيَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ الرَّجُلُ مِثْلَهُ فَلَمْ يَأْتِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ بِالْحِكَايَةِ وَالسُّكُوتِ صَارَ فَاصِلًا بَيْنَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَحَلِفِهِ، وَكَذَا فِيمَا لَوْ كَانَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ. اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا لِتَنَفُّسٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَكَتَ قَدْرَ النَّفَسِ ثُمَّ اسْتَثْنَى لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ لِلْفَصْلِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ. فَعُلِمَ أَنَّ السُّكُوتَ قَدْرَ النَّفَسِ بِلَا تَنَفُّسٍ كَثِيرٌ وَأَنَّ السُّكُوتَ لِلتَّنَفُّسِ وَلَوْ بِلَا ضَرُورَةٍ عَفْوٌ (قَوْلُهُ أَوْ إمْسَاكِ فَمٍ) أَيْ إذَا أَتَى بِالِاسْتِثْنَاءِ عَقِبَ رَفْعِ الْيَدِ عَنْ فَمِهِ (قَوْلُهُ لِتَأْكِيدٍ) نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ إذَا قَصَدَ التَّأْكِيدَ فَإِنَّهُ تَقَدَّمَ فِي الْفُرُوعِ قُبَيْلَ الْكِنَايَاتِ أَنَّهُ لَوْ كَرَّرَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَقَعَ الْكُلُّ، فَإِنْ نَوَى التَّأْكِيدَ دِينَ اهـ وَكَذَا أَنْتَ حُرٌّ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ ح وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ تَكْمِيلٍ) نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ، بِخِلَافِ ثَلَاثًا وَوَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ كَمَا فِي الْبَحْرِ لِأَنَّ ذِكْرَ الْوَاحِدَةِ بَعْدَ الثَّلَاثِ لَغْوٌ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ كَأَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ أَوْ يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ) مِثَالَانِ: الْمُفِيدُ الْحَدُّ، وَالطَّلَاقُ عَلَى سَبِيلِ النَّشْرِ الْمُرَتَّبِ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَقَعُ وَصُرِفَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْوَصْفِ، وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ يَا صَبِيَّةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ يُصْرَفُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْكُلِّ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، كَأَنَّهُ قَالَ يَا فُلَانَةُ، وَالْأَصْلُ عِنْدَهُ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ إذَا كَانَ يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ أَوْ يَلْزَمُهُ حَدٌّ، كَقَوْلِهِ: يَا طَالِقُ يَا زَانِيَةُ فَالِاسْتِثْنَاءُ عَلَى الْكُلِّ. اهـ. ح.

أَقُولُ: فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ تَحْرِيفٌ وَسَقْطٌ، فَالْأَوَّلُ فِي قَوْلِهِ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ يَا صَبِيَّةُ، فَإِنَّ صَوَابَهُ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَا صَبِيَّةُ إلَخْ كَمَا عَبَّرَ فِي الذَّخِيرَةِ لِمُخَالَفَتِهِ حُكْمَ مَا قَبْلَهُ، وَالثَّانِي فِي قَوْلِهِ وَالْأَصْلُ إلَخْ فَإِنَّ قَوْلَهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ عَلَى الْكُلِّ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ قَبْلَهُ يَقَعُ، وَصُرِفَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْوَصْفِ: أَيْ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ. وَيُصْرَفُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْوَصْفِ: أَيْ مَا وَصَفَهَا بِهِ مِنْ قَوْلِهِ يَا طَالِقُ أَوْ يَا زَانِيَةُ فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ حَدٌّ. فَالصَّوَابُ قَوْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ إذَا كَانَ يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ، أَوْ يَجِبُ بِهِ حَدٌّ فَالِاسْتِثْنَاءُ عَلَيْهِ نَحْوُ قَوْلِهِ يَا زَانِيَةُ أَوْ يَا طَالِقُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجِبُ بِهِ حَدٌّ وَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ فَالِاسْتِثْنَاءُ عَلَى الْكُلِّ نَحْوُ قَوْلِهِ يَا خَبِيثَةُ. اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ نَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ بِلَفْظٍ وَفِي نَوَادِرِ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إلَخْ. وَنُقِلَ قَبْلَهُ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ انْصِرَافُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْكُلِّ بِدُونِ تَفْصِيلٍ وَقَالَ إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ، فَمَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ خِلَافُ الصَّحِيحِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ أَوَّلَ بَابِ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ انْصِرَافُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْكُلِّ أَيْ الطَّلَاقِ وَالْوَصْفِ لَا إلَى الْوَصْفِ فَقَطْ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَلْزَمُهُ حَدٌّ وَلَا لِعَانٌ، لَكِنْ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ كَمَا عَلِمْت فَلَا يُنَاسِبُ عَزْوَ الشَّارِحِ الْمَسْأَلَةَ إلَى الْبَزَّازِيَّةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَقَعَ) الْأَوْلَى فَإِنَّهُ يَقَعُ، وَإِنَّمَا كَانَ الْفَاصِلُ هُنَا لَغْوًا لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِ الرَّجْعِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>