وَقَوَّاهُ فِي النَّهْرِ (مَسْمُوعًا) بِحَيْثُ لَوْ قَرَّبَ شَخْصٌ أُذُنَهُ إلَى فِيهِ يَسْمَعُ فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَصَمِّ خَانِيَّةٌ.
(لَا يَقَعُ) لِلشَّكِّ (وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ) وَإِنْ مَاتَ يَقَعُ (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِيهِ (الْقَصْدُ وَلَا التَّلَفُّظُ) بِهِمَا، فَلَوْ تَلَفَّظَ بِالطَّلَاقِ وَكَتَبَ الِاسْتِثْنَاءَ مَوْصُولًا أَوْ عَكَسَ أَوْ أَزَالَ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ لَمْ يَقَعْ عِمَادِيَّةٌ (وَلَا الْعِلْمُ بِمَعْنَاهُ) حَتَّى لَوْ أَتَى بِالْمَشِيئَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ جَاهِلًا لَمْ يَقَعْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ
ــ
[رد المحتار]
لِكَوْنِهِ مَدْلُولَ الصِّيغَةِ شَرْعًا ط، وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يُجْعَلْ تَأْكِيدًا أَوْ تَفْسِيرًا؟ كَمَا قَالُوا فِي: حُرٌّ حُرٌّ أَوْ حُرٌّ وَعَتِيقٌ (قَوْلُهُ وَقَوَّاهُ فِي النَّهْرِ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا إنْ شَاءَ اللَّهُ يُسْأَلُ عَنْ نِيَّتِهِ، فَإِنْ عَنِيَ الرَّجْعِيَّ لَا يَقَعُ، وَإِنْ عَنَى الْبَائِنَ يَقَعُ وَلَا يَعْمَلُ الِاسْتِثْنَاءُ اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَصَوَابُهُ إنْ عَنَى الرَّجْعِيَّ يَقَعُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ لِلْفَاصِلِ، وَإِنْ عَنَى الْبَائِنَ لَمْ يَقَعْ لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ. اهـ.
قَالَ فِي النَّهْرِ: أَقُولُ بَلْ الصَّوَابُ مَا فِي الْقُنْيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَحَدُ هَذَيْنِ، وَبِهَذَا لَا يَكُونُ الرَّجْعِيُّ لَغْوًا وَإِنْ نَوَاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى الْبَائِنَ، وَأَمَّا الْبَائِنُ فَلَيْسَ لَغْوًا عَلَى كُلِّ حَالٍ. اهـ.
أَقُولُ: لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْكَلَامِ مِنْ عَدَمِ الِالْتِئَامِ وَالتَّنَاقُضِ التَّامِّ. بَيَانُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَأَمَّا الْبَائِنُ فَلَيْسَ لَغْوًا عَلَى كُلِّ حَالٍ يَقْتَضِي عَدَمَ الْوُقُوعِ لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَمُسَاوَاتِهِ لِلرَّجْعِيِّ الَّذِي قَالَ فِيهِ إنَّهُ لَا يَكُونُ لَغْوًا وَإِنْ نَوَاهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَقَعُ فِيهِمَا، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْقُنْيَةِ، وَمُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى الْبَائِنَ فَافْهَمْ، وَلِذَا قَالَ ح: إنَّ الْحَقَّ مَا فِي الْبَحْرِ لِأَنَّهُ إذَا نَوَى الرَّجْعِيَّ فَجُمْلَةُ أَنْتِ طَالِقٌ تُفِيدُهُ، فَكَانَ قَوْلُهُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى أَحَدِ هَذَيْنِ لَغْوًا، بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى الْبَائِنَ فَإِنَّ تِلْكَ الْجُمْلَةَ لَا تُفِيدُهُ فَلَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا لَغْوًا.
فَإِنْ قُلْت: لَمَّا نَوَى الْبَائِنَ كَانَ قَوْلُهُ رَجْعِيًّا لَغْوًا إذَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنًا. قُلْت: هُوَ تَرْكِيبٌ صَحِيحٌ لُغَةً وَشَرْعًا، كَمَا فِي إحْدَى امْرَأَتَيْ طَالِقٌ، وَحَيْثُ كَانَ مَقْصُودُهُ الْبَائِنَ وَكَانَ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ غَيْرَ مُفِيدٍ لِلْبَائِنِ، فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا وَيَنْوِيَ الْبَائِنَ، وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنًا. اهـ. (قَوْلُهُ مَسْمُوعًا) هَذَا عِنْدَ الْهِنْدُوَانِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ. وَعِنْدَ الْكَرْخِيِّ لَيْسَ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسْمُوعِ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُسْمَعَ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ الْمُنْشِئُ لِكَثْرَةِ أَصْوَاتٍ مَثَلًا ط (قَوْلُهُ لِلشَّكِّ) أَيْ لِلشَّكِّ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى الطَّلَاقَ لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا ح (قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ) لِأَنَّ مَا جَرَى تَعْلِيقٌ لَا تَطْلِيقٌ وَمَوْتُهَا لَا يُنَافِي التَّعْلِيقَ لِأَنَّهُ مُبْطِلٌ وَالْمَوْتُ أَيْضًا مُبْطِلٌ فَلَا يَتَنَافَيَانِ، فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحًا فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ ح (قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ يَقَعُ) أَيْ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ وَهُوَ يُرِيدُهُ يَقَعُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الِاسْتِثْنَاءُ وَتُعْلَمُ إرَادَتُهُ بِأَنْ يَذْكُرَ لِآخَرَ ذَلِكَ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَكَذَا فِي النَّهْرِ ح (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَصْدُ) هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ لَيْسَ طَلَاقًا. قَالَ شَدَّادُ بْنُ حَكِيمٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهُوَ الَّذِي صَلَّى بِوُضُوءِ الظُّهْرِ ظُهْرَ الْيَوْمِ الثَّانِي سِتِّينَ سَنَةً، خَالَفَنِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خَلَفُ بْنُ أَيُّوبَ الزَّاهِدُ، فَرَأَيْت أَبَا يُوسُفَ فِي الْمَنَامِ فَسَأَلْته، فَأَجَابَ بِمِثْلِ قَوْلِي وَطَالَبْته بِالدَّلِيلِ فَقَالَ: أَرَأَيْت لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ أَوْ غَيْرُ طَالِقٍ أَيَقَعُ؟ قُلْت لَا، قَالَ: هَذَا كَذَلِكَ بَزَّازِيَّةٌ وَفَتْحٌ (وَلَهُ وَلَا التَّلَفُّظُ بِهِمَا) أَيْ بِالطَّلَاقِ وَالِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ عَكَسَ) أَيْ كَتَبَ الطَّلَاقَ وَتَلَفَّظَ بِالِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ أَزَالَ الِاسْتِثْنَاءَ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى قِسْمٍ رَابِعٍ، وَهُوَ مَا إذَا كَتَبَهُمَا مَعًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَيْضًا وَإِنْ أَزَالَ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَا الْعِلْمُ بِمَعْنَاهُ) فَصَارَ كَسُكُوتِ الْبِكْرِ إذَا زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَلَا تَدْرِي أَنَّ السُّكُوتَ رِضًا يَمْضِي بِهِ الْعَقْدُ عَلَيْهَا فَتْحٌ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَصْدُ، وَقَوْلُهُ جَاهِلًا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَا الْعِلْمُ بِمَعْنَاهُ ح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute