للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْبُطْلَانِ وَفِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ.

قُلْت: إلَّا فِي مَسْأَلَةِ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي بَيْعَهُ مِنْ بَائِعِهِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ النَّقْدِ وَادَّعَى الْبَائِعُ الْإِقَالَةَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ دَعْوَاهُ الْفَسَادَ وَلَوْ بِعَكْسِهِ تَحَالَفَا

ــ

[رد المحتار]

عَيْنُهُ، فَلَا تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى التَّعْيِينِ بِالْقَبْضِ، فَكَانَ الْوَاجِبُ نَفْسَ الْقَبْضِ، فَلَا يُرَاعَى لَهُ الْمَجْلِسُ، بِخِلَافِ الصَّرْفِ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّ اسْتِبْدَالَهُ جَائِزٌ فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَبْضِ فِي مَجْلِسِ التَّعْيِينِ اهـ.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ السَّلَمَ لَمَّا لَمْ يَجُزْ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَلْزَمْ قَبْضُهُ فِي مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ مَوْجُودٌ بِخِلَافِ الصَّرْفِ فَإِنَّهُ لَمَّا جَازَ اسْتِبْدَالُهُ لَزِمَ قَبْضُهُ لِيَحْصُلَ التَّعْيِينُ. مَطْلَبٌ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ.

(قَوْلُهُ: اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلَكِنْ مُنَاسَبَتُهَا هُنَا ذِكْرُ الْمَسْأَلَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ. (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْبُطْلَانِ) لِأَنَّ انْعِقَادَ الْبَيْعِ حَادِثٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ اهـ. ح فَهُوَ مُنْكِرٌ لِأَصْلِ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ) لِأَنَّهُمَا لَمَّا اتَّفَقَا عَلَى الْعَقْدِ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ إقْدَامِهِمَا عَلَيْهِ صِحَّتَهُ اهـ. ح وَلِأَنَّ مُدَّعِيَ الْفَسَادِ يَدَّعِي حَقَّ الْفَسْخِ وَخَصْمُهُ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ ط وَلَوْ بَرْهَنَا فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ، وَهَذَا لَوْ ادَّعَى الْفَسَادَ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ أَوْ أَجَلٍ فَاسِدٍ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، وَإِنْ كَانَ لِمَعْنًى فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَبِرِطْلِ خَمْرٍ، وَالْآخَرُ يَدَّعِي الْبَيْعَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ: الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ أَيْضًا وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآخَرِ كَمَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَفِي رِوَايَةٍ الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْفَسَادِ خَانِيَّةٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ هُنَاكَ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ لِتَحِيَّةٍ أَوْ جِدٍّ أَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ بَاتٌّ أَوْ وَفَاءٌ؛ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ ذَلِكَ آخِرَ بَابِ الصَّرْفِ. (قَوْلُهُ: قُلْت إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ) الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ صَاحِبِ الْأَشْبَاهِ وَعَزَا فِيهَا الْمَسْأَلَةَ إلَى الْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: وَادَّعَى الْبَائِعُ الْإِقَالَةَ) أَيْ بِهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي بِهِ عَائِدٌ إلَى الْأَقَلِّ الْمَذْكُورِ لَا إلَى الثَّمَنِ.

فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ: اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو ثَوْبًا بِأَلْفٍ ثُمَّ رَدَّ زَيْدٌ الثَّوْبَ إلَيْهِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ قَبْلَ النَّقْدِ بِتِسْعِينَ، وَفَسَدَ الْبَيْعُ بِذَلِكَ، وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ رَدَّهُ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْإِقَالَةِ بِالتِّسْعِينَ فَالْقَوْلُ لِزَيْدٍ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ فِي إنْكَارِ الْإِقَالَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَوَجْهُهُ كَمَا قَالَ الْحَمَوِيُّ أَنَّ دَعْوَى الْإِقَالَةِ تَسْتَلْزِمُ دَعْوَى صِحَّةِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فِي الصَّحِيحِ اهـ.

قُلْت: لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا تَجِبُ فِي عَقْدٍ مَكْرُوهٍ وَفَاسِدٍ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْكَلَامِ، وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ وَجْهَهُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا ادَّعَى بَيْعَهُ بِالتِّسْعِينَ لَمْ يَجِبْ لَهُ غَيْرُهَا وَمُدَّعِي الْإِقَالَةِ يَدَّعِي أَنَّ الْوَاجِبَ الْمِائَةُ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ إنْ كَانَتْ بِمِائَةٍ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَتْ بِتِسْعِينَ؛ فَلِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بِمِثْلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ شَرَطَ أَقَلَّ مِنْهُ كَمَا مَرَّ فَقَدْ صَارَ مُقِرًّا لِلْمُشْتَرِي بِالْعَشَرَةِ وَالْمُشْتَرِي يُكَذِّبُهُ فَلَغَا كَلَامُ مُدَّعِي الْإِقَالَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِعَكْسِهِ) بِأَنْ ادَّعَى زَيْدٌ الْمُشْتَرِي الْإِقَالَةَ وَادَّعَى عَمْرٌو الْبَائِعُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِتِسْعِينَ. (قَوْلُهُ: تَحَالَفَا) وَجْهُهُ: أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِدَعْوَاهُ الْإِقَالَةَ يَدَّعِي أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ بِالرَّدِّ مِائَةٌ، وَالْبَائِعُ بِدَعْوَاهُ الشِّرَاءَ بِالتِّسْعِينَ يَدَّعِي أَنَّ الثَّمَنَ الْوَاجِبَ رَدُّهُ لِلْمُشْتَرِي تِسْعُونَ، فَنَزَلَ اخْتِلَافُهُمَا فِيمَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُشْتَرِي بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ الْمُوجِبِ لِلتَّحَالُفِ بِالنَّصِّ، وَإِلَّا فَالْمِائَةُ الَّتِي هِيَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ إنَّمَا تُرَدُّ إلَى الْمُشْتَرِي بِحُكْمِ الْإِقَالَةِ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَهِيَ غَيْرُ الْخَمْسِينَ الَّتِي هِيَ الثَّمَنُ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي أَفَادَهُ الْحَمَوِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>