صَحَّتْ فِي الْأَرْضِ بِحِصَّتِهَا وَلَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ إدْرَاكِهِ لَمْ يَجُزْ وَفِيهَا تَقَايَلَا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ وَطِئَ الْمَبِيعَةَ رَدَّهَا وَأَخَذَ ثَمَنَهَا وَفِيهَا مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ مُطْلَقًا.
(وَيَصِحُّ إقَالَةُ الْإِقَالَةِ فَلَوْ تَقَايَلَا الْبَيْعَ ثُمَّ تَقَايَلَاهَا) أَيْ الْإِقَالَةَ (ارْتَفَعَتْ وَعَادَ) الْبَيْعُ (إلَّا إقَالَةَ السَّلَمِ) فَإِنَّهَا لَا تَقْبَلُ الْإِقَالَةَ لِكَوْنِ الْمُسْلَمِ فِيهِ دَيْنًا سَقَطَ، وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ أَشْبَاهٌ وَفِيهَا رَأْسُ الْمَالِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ كَهُوَ قَبْلَهَا فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بَعْدَهَا كَقَبْلِهَا إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ لَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ بَعْدَهَا فَلَا تَحَالُفَ، وَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِهِ جَازَ إلَّا فِي الصَّرْفِ
ــ
[رد المحتار]
تَرْجِيحُ هَذَا لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعٍ الضَّرَرِ عَنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: صَحَّتْ فِي الْأَرْضِ بِحِصَّتِهَا) الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّجَرِ أَنَّ الشَّجَرَ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ تَبَعًا بِخِلَافِ الزَّرْعِ كَمَا فِي الْبَحْرِ اهـ. ح أَيْ أَنَّ الزَّرْعَ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ إلَّا إذَا نَصَّ عَلَيْهِ فَيَكُونُ بَعْضَ الْمَبِيعِ فَلَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الشَّجَرِ وَعَلَى النَّقْلِ الْآخَرِ عَنْ الْقُنْيَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ إدْرَاكِهِ) أَيْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا وَرَدَ عَلَى التَّفْصِيلِ دُونَ الْحِنْطَةِ بَحْرٌ عَنْ الْقُنْيَةِ: أَيْ وَالْحِنْطَةُ زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ مُتَوَلِّدَةٌ وَهِيَ مَانِعَةٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. (قَوْلُهُ: رَدَّهَا وَأَخَذَ ثَمَنَهَا) أَيْ لَهُ ذَلِكَ وَقَدَّمْنَا أَنَّ مَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ يَمْنَعُ الْإِقَالَةَ، وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ الْجَارِيَةَ أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ، ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَمْ يَرُدَّهَا مُطْلَقًا أَيْ وَلَوْ ثَيِّبًا. (قَوْلُهُ: وَفِيهَا مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ مُطْلَقًا) لِأَنَّهُ عَادَ إلَى مِلْكِهِ فَمُؤْنَةُ رَدِّهِ عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ: سَوَاءٌ تَقَايَلَا بِحَضْرَةِ الْمَبِيعِ أَوْ بِغَيْبَتِهِ اهـ. مِنَحٌ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِي عِبَارَةِ الْقُنْيَةِ فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ الصَّوَابَ إسْقَاطُهُ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: إلَّا إقَالَةَ السَّلَمِ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَلَوْ بَعْدَهُ صَحَّتْ كَمَا تَعْرِفُهُ. (قَوْلُهُ: لِكَوْنِ الْمُسْلَمِ فِيهِ دَيْنًا سَقَطَ) أَيْ بِالْإِقَالَةِ فَلَوْ انْفَسَخَتْ الْإِقَالَةُ لَكَانَ حُكْمُ انْفِسَاخِهَا عَوْدَ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَالسَّاقِطُ لَا يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنٌ فَأَمْكَنَ عَوْدُهُ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي بَحْرٌ مِنْ بَابِ السَّلَمِ. (قَوْلُهُ: رَأْسُ الْمَالِ) أَيْ مَالِ السَّلَمِ. (قَوْلُهُ: كَهُوَ قَبْلَهَا) أَيْ حُكْمُهُ بَعْدَهَا كَحُكْمِهِ قَبْلَهَا، وَفِيهِ إدْخَالُ الْكَافِ عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُنْفَصِلِ، وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالضَّرُورَةِ، وَكَذَا قَوْلُهُ كَقَبْلِهَا فِيهِ أَنَّ الظُّرُوفَ الَّتِي تَقَعُ غَايَاتٍ لَا تُجَرُّ إلَّا بِمِنْ حَمَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ) أَيْ بِنَحْوِ بَيْعٍ وَشَرِكَةٍ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا يَجُوزُ لِرَبِّ السَّلَمِ شِرَاءُ شَيْءٍ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِرَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَيْ قَبْلَ قَبْضِ رَبِّ السَّلَمِ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَهَذَا فِي السَّلَمِ الصَّحِيحِ، فَلَوْ فَاسِدًا جَازَ الِاسْتِبْدَالُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِهِ وَفِيهِ كَلَامٌ سَيَأْتِي هُنَاكَ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ كَهُوَ قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: لَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ) أَيْ فِي رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَهَا أَيْ بَعْدَ الْإِقَالَةِ يَعْنِي وَقَبْلَ تَسْلِيمِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِمَا فِي سَلَمِ الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: لَوْ تَقَايَلَا بَعْدَمَا سَلَّمَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْمُسْلَمَ فِيهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ تَحَالَفَا؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَلَيْسَ بِدَيْنٍ فَالْإِقَالَةُ هُنَا تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ قَصْدًا اهـ.
وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ إقَالَةَ الْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ جَائِزَةٌ لَوْ بَعْدَ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَحَالُفَ) بَلْ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ ذَخِيرَةٌ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا ط عَنْ أَبِي السُّعُودِ قَالَ ح: لِأَنَّ التَّحَالُفَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي رَأْسِ الْمَالِ اخْتِلَافٌ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ وَلَا عَقْدَ بَعْدَ الْإِقَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ قَبْضِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ جَازَ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ شَرْطٌ حَالَ بَقَاءِ الْعَقْدِ لَا بَعْدَ إقَالَتِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الصَّرْفِ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ اهـ. ح لِأَنَّ أَصْلَ الْكَلَامِ فِي رَأْسِ الْمَالِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِخِلَافِ الصَّرْفِ. فَإِنَّ الْحَاصِلَ: أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ فِي السَّلَمِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ، وَلَا يَجِبُ قَبْضُهُ فِي مَجْلِسِهَا، وَبَدَلُ الصَّرْفِ بِالْعَكْسِ، فَإِنَّ قَبْضَهُ فِي مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا وَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ مِنْ السَّلَمِ: وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْقَبْضَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فِي الْبَدَلَيْنِ مَا شُرِطَ لِعَيْنِهِ بَلْ لِلتَّعْيِينِ وَهُوَ أَنْ يَصِيرَ الْبَدَلُ مُعَيَّنًا بِالْقَبْضِ صِيَانَةً عَنْ الِافْتِرَاقِ عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّعْيِينِ فِي مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ فِي السَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِبْدَالُهُ، فَتَعُودُ إلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute