للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ مَنَعَهُ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَئِنْ سَلَّمَ، نَعَمْ فِي التَّلْوِيحِ تَقْدِيمُ الْمَنْعِ عَلَى التَّسْلِيمِ أَوْلَى، لَكِنْ نَقُولُ الِاحْتِيَاطُ

ــ

[رد المحتار]

سُؤَالٍ مُقَدَّرِ، وَهُوَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ شَرْطًا فَلِمَ رُوعِيَ لَهَا الشُّرُوطُ وَالشُّرُوطُ تُرَاعَى لِلْأَرْكَانِ. وَالْجَوَابُ إنَّمَا رُوعِيَتْ الشُّرُوطُ لَهَا مِنْ الطَّهَارَةِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَنَحْوِهِمَا لَا لِكَوْنِهَا رُكْنًا لِلصَّلَاةِ بَلْ لِاتِّصَالِهَا بِالْقِيَامِ الَّذِي هُوَ رُكْنُ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ مَنَعَهُ الزَّيْلَعِيُّ) أَيْ مَنَعَ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ رُوعِيَ لَهَا الشُّرُوطُ حَيْثُ قَالَ فِي الرَّدِّ عَلَى الشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِرُكْنِيَّةِ التَّحْرِيمَةِ، وَقَوْلُهُ يُشْتَرَطُ لَهَا مَا يُشْتَرَطُ لِلصَّلَاةِ مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ حَامِلًا لِلنَّجَاسَةِ فَأَلْقَاهَا عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا أَوْ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ فَسَتْرُهَا عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّكْبِيرِ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ أَوْ شَرَعَ فِي التَّكْبِيرِ قَبْلَ ظُهُورِ الزَّوَالِ مَثَلًا ثُمَّ ظَهَرَ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا أَوْ مُنْحَرِفًا عَنْ الْقِبْلَةِ فَاسْتَقْبَلَهَا عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا جَازَ، وَلَئِنْ سُلِّمَ فَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ لِمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ الْأَدَاءِ، لَا لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ مِنْ الصَّلَاةِ اهـ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْقَوْلِ بِمُرَاعَاةِ الشُّرُوطِ لَهَا بِقَوْلِهِ وَلَئِنْ سُلِّمَ إلَخْ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ التَّنَزُّلِ مَعَ الْخَصْمِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ فَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ لِمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ الْأَدَاءِ إلَخْ صَرِيحٌ فِي لُزُومِ مُرَاعَاةِ الشُّرُوطِ وَقْتهَا لَا لَهَا بَلْ لِاتِّصَالِهَا بِالْقِيَامِ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ اتِّفَاقًا وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُك لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحَرَكَةَ تَجْتَمِعُ مَعَ السُّكُونِ، وَلَئِنْ سُلِّمَ يَلْزَمُ اجْتِمَاعُ الضِّدَّيْنِ، فَقَوْلُك وَلَئِنْ سُلِّمَ كَلَامٌ فَرَضِيَ بِهِ مَا بَعْدَهُ، فَعُلِمَ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ أَرَادَ بِهَذَا الْكَلَامِ لُزُومَ مُرَاعَاةِ الشُّرُوطِ وَقْتَ التَّحْرِيمَةِ لِاتِّصَالِهَا بِالْقِيَامِ الَّذِي هُوَ رُكْنُ الصَّلَاةِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَحْرَمَ حَامِلًا لِلنَّجَاسَةِ فَأَلْقَاهَا عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّحْرِيمَةِ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ لِاتِّصَالِ النَّجَاسَةِ بِجُزْءٍ مِنْ الْقِيَامِ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْمَسَائِلِ الْمَارَّةِ فِي عِبَارَةِ الزَّيْلَعِيُّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ تَفْرِيعُهُ عَلَى فَرْضِ التَّسْلِيمِ الْمَذْكُورِ، فَثَبَتَ أَنَّ مَا مَنَعَهُ أَوَّلًا رَجَعَ إلَيْهِ ثَانِيًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ نَعَمْ) تَصْدِيقٌ لِمَا فَعَلَهُ الزَّيْلَعِيَّ مِنْ تَقْدِيمِ الْمَنْعِ عَلَى التَّسْلِيمِ جَرَيَا عَلَى قَوَاعِدِ عُلَمَاءِ الْمُنَاظَرَةِ، وَقَوْلُهُ فِي التَّلْوِيحِ إلَخْ تَأْيِيدٌ لَهُ، وَقَصَدَ بِذَلِكَ الرَّدّ عَلَى مَنْ قَدَّمَ التَّسْلِيمَ عَلَى الْمَنْعِ عَكْسَ مَا فَعَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْبَحْرِ، فَرَاجِعْهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَكِنْ نَقُولُ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْمَنْعِ وَتَأْيِيدٌ لِمَا رَجَعَ إلَيْهِ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّهُ الِاحْتِيَاطُ، وَقَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْبُرْهَانِ إلَخْ تَقْوِيَةٌ لِلِاسْتِدْرَاكِ لِأَنَّ قَوْلَ الْبُرْهَانِ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ لَهَا إلَخْ صَرِيحٌ فِي مُرَاعَاةِ الشُّرُوطِ لَهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُكْنًا لِاتِّصَالِهَا بِالْقِيَامِ الَّذِي هُوَ رُكْنُ الصَّلَاةِ. وَقَالَ الشَّارِحُ فِي خَزَائِنِ الْأَسْرَارِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَشُرُوحِ الْمَجْمَعِ وَغَيْرِهَا صَرِيحٌ فِي اشْتِرَاطِ وُجُودِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ حِينَ التَّحْرِيمَةِ لِكَوْنِهَا رُكْنًا بَلْ لِاتِّصَالِهَا بِالْأَرْكَانِ، وَقَدْ مَنَعَ الزَّيْلَعِيُّ الِاشْتِرَاطَ أَوَّلًا إلَخْ.

بَحْثُ الْقِيَامِ

وَحَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ اخْتِيَارُ مُرَاعَاةِ الشُّرُوطِ وَقْتَ التَّحْرِيمَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُكْنًا لِقَوْلِهِمْ فِي الْجَوَابِ عَنْ اسْتِدْلَالِ الشَّافِعِيِّ عَلَى رُكْنِيَّتِهَا بِمُرَاعَاةِ الشُّرُوطِ لَهَا إنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ لَمْ تُرَاعَ لِأَجْلِهَا بَلْ لَمَّا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ الْقِيَامِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُمْ سَلَّمُوا لُزُومَ الْمُرَاعَاةِ وَقْتَهَا، لَكِنْ مَنَعُوا أَنْ تَكُونَ الْمُرَاعَاةُ لِأَجْلِهَا، وَعَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ الشُّرُوعُ فِي الصَّلَاةِ لَوْ شَرَعَ بِالتَّحْرِيمَةِ حَامِلًا لِنَجَاسَةٍ فَأَلْقَاهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا، وَكَذَا فِي بَقِيَّةِ الْفُرُوعِ الْمَارَّةِ.

وَأَقُولُ: هَذَا خِلَافُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِينَ مِنْ تَصْرِيحِهِمْ بِصِحَّةِ الشُّرُوع فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ، حَتَّى إنَّ الْعَلَّامَةَ الْكَاكِيَّ صَرَّحَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ بِأَنَّ ثِمْرَةَ الْخِلَافِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ فِي التَّحْرِيمَةِ تَظْهَرُ فِي جَوَازِ بِنَاءِ النَّفْلِ عَلَى الْفَرْضِ. وَتَظْهَرُ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَبَّرَ وَفِي يَدِهِ نَجَاسَةٌ فَأَلْقَاهَا عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا إلَى آخِرِ الْفُرُوعِ الْمَارَّةِ وَقَالَ. آخِرَهَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا، وَنَحْوُهُ فِي السِّرَاجِ، لَكِنَّهُ جَعَلَ الْخِلَافَ بَيْنَ الْإِمَامَيْنِ وَمُحَمَّدٍ، وَلَعَلَّهُ رِوَايَةً عَنْ مُحَمَّدٍ، فَإِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْقَائِلَ بِرُكْنِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>