خِلَافُهُ. وَعِبَارَةُ الْبُرْهَانِ: وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ لَهَا مَا اُشْتُرِطَ لِلصَّلَاةِ لَا بِاعْتِبَارِ رُكْنِيَّتِهَا، بَلْ بِاعْتِبَارِ اتِّصَالِهَا بِالْقِيَامِ الَّذِي هُوَ رُكْنُهَا.
(وَمِنْهَا الْقِيَامُ) بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَيْهِ لَا يَنَالُ رُكْبَتَيْهِ وَمَفْرُوضَةٌ وَوَاجِبَةٌ وَمَسْنُونَةٌ وَمَنْدُوبَةٌ بِقَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِيهِ، فَلَوْ
ــ
[رد المحتار]
التَّحْرِيمَةِ هُوَ الشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا. وَعِبَارَةُ فَتْحِ الْقَدِيرِ هَكَذَا: قَوْلُهُ وَمُرَاعَاةُ الشَّرَائِطِ إلَخْ يَتَضَمَّنُ مَنْعَ قَوْلِهِ يُشْتَرَطُ لَهَا، فَيُقَالُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لَهَا بَلْ هُوَ لِمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنْ الْأَرْكَانِ لَا لِنَفْسِهَا، وَلِذَا قُلْنَا لَوْ تَحَرَّمَ حَامِلُ نَجَاسَةٍ أَوْ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ أَوْ قَبْلَ ظُهُورِ الزَّوَالِ أَوْ مُنْحَرِفًا فَأَلْقَاهَا وَاسْتَتَرَ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ وَظَهَرَ الزَّوَالُ وَاسْتَقْبَلَ مَعَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ التَّحْرِيمَةِ جَازَ. وَذَكَر فِي الْكَافِي أَنَّهَا عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رُكْنٌ اهـ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الطَّحَاوِيِّ، فَيَجِبُ عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ أَنْ لَا تَصِحَّ هَذِهِ الْفُرُوعُ اهـ كَلَامُ الْفَتْحِ، فَانْظُرْ كَيْفَ فُهِمَ أَنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ تَسْلِيمُ صِحَّةِ هَذِهِ الْفُرُوعِ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَقْتَ التَّحْرِيمَةِ وَأَنَّ عَدَمَ صِحَّتِهَا إنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِرُكْنِيَّتِهَا وَنَحْنُ لَا نَقُولُ بِهِ، وَهَذَا خِلَافُ مَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ مِنْ كَلَامِ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَزَائِنِ، وَكَذَا كَلَامُ الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ هَذِهِ الْفُرُوعِ، فَحَيْثُ كَانَ هَذَا هُوَ الْمَنْقُولَ فَلَيْسَ لَنَا عَنْهُ عُدُولٌ، وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ فِي الْجَوَابِ إنَّ مُرَاعَاةَ الشُّرُوطِ لَيْسَتْ لَهَا بَلْ لِمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ الْقِيَامِ أَنَّ شُرُوطَ الصَّلَاةِ مِنْ الطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا لَا تَجِبُ لِلتَّحْرِيمَةِ أَصْلًا، وَإِنَّمَا تَجِبُ لِلْقِيَامِ الْمُتَّصِلِ بِهَا أَيْ الْمُتَّصِلِ بِآخِرِهَا عِنْدَ انْتِهَاءِ التَّلَفُّظِ بِهَا لَا لِلْقِيَامِ الْمُتَّصِلِ بِابْتِدَائِهَا إلَى انْتِهَائِهَا حَتَّى يَلْزَمَ مُرَاعَاةُ الشُّرُوطِ لَهَا فِي ضِمْنِ الْقِيَامِ الْمَذْكُورِ كَمَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِ الْبُرْهَانِ: وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ لَهَا، فَإِنَّ قَوْلَهُ لَهَا يُفِيدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الْفُرُوعِ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَنَا، أَوْ يُقَالُ: مَعْنَاهُ أَنَّ الشُّرُوطَ الَّتِي يُرَاعِيهَا الْمُصَلِّي وَقْتَ التَّحْرِيمَةِ لَيْسَتْ لَهَا، بَلْ لِمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ الْأَرْكَانِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ مِنْ حَالِ الْمُصَلِّي مُرَاعَاةُ الشُّرُوطِ وَقْتَهَا صَارَ مَنْشَأً لِتَوَهُّمِ أَنَّ ذَلِكَ لِلتَّحْرِيمَةِ فَبَيَّنُوا أَوَّلًا أَنَّ ذَلِكَ لِلْقِيَامِ الْمُتَّصِلِ بِهَا ثُمَّ حَقَّقُوا ذَلِكَ بِأَنْ ذَكَرُوا صُوَرًا يُمْكِنُ فِيهَا عَدَمُ اقْتِرَانِ التَّحْرِيمَةِ بِالشُّرُوطِ. وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ: وَمُرَاعَاةُ الشَّرَائِطِ لِمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنْ الْقِيَامِ. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَالدَّلِيلُ أَنَّ مَنْ وَقَعَ فِي الْبَحْرِ وَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ فَكَبَّرَ وَغُمِسَ فِي الْمَاءِ وَرُفِعَ وَصَلَّى بِالْإِيمَاءِ تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ حَالَ التَّكْبِيرِ غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ اهـ فَهَذَا أَيْضًا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الشُّرُوطَ إنَّمَا تَجِبُ مُرَاعَاتُهَا مَعَ الْفَرَاغِ مِنْهَا عِنْدَ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْقِيَامِ الْمُتَّصِلِ بِآخِرِ التَّحْرِيمَةِ فَالشُّرُوطُ تُرَاعَى لَهُ فِي وَقْتِهِ لَا لَهَا تَبَعًا لَهُ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ الْمَارِّ عَلَى هَذَا أَيْضًا بِأَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ: لِمَا يَتَّصِلُ مُتَعَلِّقًا. بِقَوْلِهِ: يُشْتَرَطُ صِلَةٌ لَهُ لَا عِلَّةٌ حَتَّى يَكُونَ الْمَعْنَى يُشْتَرَطُ فِي التَّحْرِيمَةِ لِأَجْلِ مَا يَتَّصِلُ إلَخْ، وَحِينَئِذٍ فَيَتَوَافَقُ كَلَامُهُمْ وَيَتَّضِحُ مَرَامَهُمْ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي تَحْقِيقِ هَذَا الْمَقَامِ. وَالسَّلَامُ.
(قَوْلُهُ وَمِنْهَا الْقِيَامُ) يَشْمَلُ التَّامَّ مِنْهُ وَهُوَ الِانْتِصَابُ مَعَ الِاعْتِدَالِ وَغَيْرَ التَّامِّ وَهُوَ الِانْحِنَاءُ الْقَلِيلُ بِحَيْثُ لَا تَنَالُ يَدَاهُ رُكْبَتَيْهِ، وَقَوْلُهُ بِحَيْثُ إلَخْ صَادِقٌ بِالصُّورَتَيْنِ أَفَادَهُ ط. وَيُكْرَهُ الْقِيَامُ عَلَى أَحَدِ الْقَدَمَيْنِ فِي الصَّلَاةِ بِلَا عُذْرٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مِقْدَارُ أَرْبَعِ أَصَابِعِ الْيَدِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ، هَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي نَصْرٍ الدَّبُوسِيِّ إنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ كَذَا فِي الْكُبْرَى. وَمَا رُوِيَ أَنَّهُمْ أَلْصَقُوا الْكِعَابَ بِالْكِعَابِ أُرِيدَ بِهَا الْجَمَاعَةُ أَيْ قَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بِجَانِبِ الْآخَرِ كَذَا فِي فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ، وَلَوْ قَامَ عَلَى أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ أَوْ عَقِبَيْهِ بِلَا عُذْرٍ يَجُوزُ، وَقِيلَ لَا، حُكِيَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْقُنْيَةِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِيهِ) ذَكَرَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بَحْثًا، لَكِنْ عَزَاهُ فِي الْخَزَائِنِ إلَى الْحَاوِي.
وَحِينَئِذٍ فَهُوَ بِقَدْرِ آيَةٍ فَرْضٌ وَبِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَاجِبٌ وَبِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَأَوْسَاطِهِ وَقِصَارِهِ فِي مَحَالِّهَا مَسْنُونٌ وَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ فِي نَحْوِ تَهَجُّدٍ مَنْدُوبٍ، لَكِنْ فِي أَوَاخِرِ الْفَنِّ الثَّالِثِ مِنْ الْأَشْبَاهِ. قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي الصَّلَاةِ وَقَعَ فَرْضًا، وَلَوْ أَطَالَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فِيهَا وَقَعَ فَرْضًا اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ أَطَالَ الْقِيَامَ يَقَعُ فَرْضًا أَيْضًا، فَيُنَافِي هَذَا التَّقْدِيرَ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute