للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَيْرُهُمَا وَاجِبٌ هُوَ الْمُخْتَارُ وَيَفْعَلُ فِيهَا كَفِعْلِ الْحَاجِّ

(وَجَازَتْ فِي كُلِّ السَّنَةِ) وَنُدِبَتْ فِي رَمَضَانَ (وَكُرِهَتْ) تَحْرِيمًا (يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَرْبَعَةً بَعْدَهَا) أَيْ كُرِهَ إنْشَاؤُهَا بِالْإِحْرَامِ حَتَّى يَلْزَمَهُ دَمٌ وَإِنْ رَفَضَهَا لَا أَدَاؤُهَا فِيهَا بِالْإِحْرَامِ السَّابِقِ

ــ

[رد المحتار]

لِأَنَّهُ مُحَلَّلٌ مُخْرَجٌ مِنْهَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهَا وَاجِبٌ) أَرَادَ بِالْغَيْرِ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ هُنَا، وَذَلِكَ أَقَلُّ أَشْوَاطِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ، وَإِلَّا فَلَهَا سُنَنٌ وَمُحَرَّمَاتٌ مِنْ غَيْرِ الْمَذْكُورِ هُنَا فَافْهَمْ.

وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ هُوَ الْمُخْتَارُ إلَى مَا فِي التُّحْفَةِ حَيْثُ جَعَلَ السَّعْيَ رُكْنًا كَالطَّوَافِ قَالَ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ وَهُوَ غَيْرُ مَشْهُورٍ فِي الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ وَيَفْعَلُ فِيهَا كَفِعْلِ الْحَاجِّ) قَالَ فِي اللُّبَابِ وَأَحْكَامُ إحْرَامِهَا كَإِحْرَامِ الْحَجِّ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ وَكَذَا حُكْمُ فَرَائِضِهَا وَوَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا وَمُحَرَّمَاتِهَا وَمُفْسِدِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا وَإِحْصَارِهَا وَجَمْعِهَا أَيْ بَيْنَ عُمْرَتَيْنِ، وَإِضَافَتِهَا أَيْ إلَى غَيْرِهَا فِي النِّيَّةِ وَرَفْضِهَا كَحُكْمِهَا فِي الْحَجِّ: وَهِيَ لَا تُخَالِفُهُ إلَّا فِي أُمُورٍ مِنْهَا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِفَرْضٍ وَأَنَّهَا لَا وَقْتَ لَهَا مُعَيَّنٌ؛ وَلَا تَفُوتُ وَلَيْسَ فِيهَا وُقُوفٌ بِعَرَفَةَ وَلَا مُزْدَلِفَةَ وَلَا رَمْيٌ فِيهَا وَلَا جَمْعٌ أَيْ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ وَلَا خُطْبَةٌ وَلَا طَوَافُ قُدُومٍ وَلَا صَدَرٍ وَلَا تَجِبُ بَدَنَةٌ بِإِفْسَادِهَا وَلَا بِطَوَافِهَا جُنُبًا أَيْ بَلْ شَاةٌ وَأَنَّ مِيقَاتَهَا الْحِلُّ لِجَمِيعِ النَّاسِ بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّ مِيقَاتَهُ لِلْمَكِّيِّ الْحَرَمُ. اهـ. .

(قَوْلُهُ وَجَازَتْ) أَيْ صَحَّتْ (قَوْلِهِ وَنُدِّبَتْ فِي رَمَضَانَ) أَيْ إذَا أَفْرَدَهَا كَمَا مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ ثُمَّ النَّدْبُ بِاعْتِبَارِ الزَّمَانِ لِأَنَّهَا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ أَوْ وَاجِبَةٌ كَمَا مَرَّ أَيْ أَنَّهَا فِيهِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ فِي الْفَتْحِ بِمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً وَفِي طَرِيقٍ لِمُسْلِمٍ تَقْتَضِي حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي قَالَ وَكَانَ السَّلَفُ رَحِمَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِمْ يُسَمُّونَهَا الْحَجَّ الْأَصْغَرَ وَقَدْ اعْتَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَ عُمُرَاتٍ كُلُّهُنَّ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ عَلَى مَا هُوَ الْحَقُّ وَتَمَامُهُ فِيهِ. [تَنْبِيهٌ]

نَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمُنْلَا عَلِيٍّ فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةِ الْأَدَبُ فِي رَجَبٍ أَنَّ كَوْنَ الْعُمْرَةِ فِي رَجَبٍ سُنَّةً بِأَنْ فَعَلَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ أَمَرَ بِهَا لَمْ يَثْبُتْ نَعَمْ رُوِيَ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ تَجْدِيدِ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ قُبَيْلَ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ نَحَرَ إبِلًا وَذَبَحَ قَرَابِينَ وَأَمَرَ أَهْلَ مَكَّةَ أَنْ يَعْتَمِرُوا حِينَئِذٍ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ فِعْلَ الصَّحَابَةِ حُجَّةٌ وَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ فَهَذَا وَجْهُ تَخْصِيصِ أَهْلِ مَكَّةَ الْعُمْرَةَ بِشَهْرِ رَجَبٍ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ تَحْرِيمًا) صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ وَاللُّبَابِ (قَوْلُهُ وَيَوْمَ عَرَفَةَ) أَيْ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا لَا تُكْرَهُ فِيهِ قَبْلَ الزَّوَالِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَأَرْبَعَةً) بِالنَّصْبِ وَالتَّنْوِينِ وَالْأَصْلُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ بَعْدَهَا أَيْ بَعْدَ عَرَفَةَ أَيْ بَعْدَ يَوْمِهَا.

[تَنْبِيهٌ]

يُزَادُ عَلَى الْأَيَّامِ الْخَمْسَةِ مَا فِي اللُّبَابِ وَغَيْرِهِ مِنْ كَرَاهَةِ فِعْلِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَمَنْ بِمَعْنَاهُمْ أَيْ مِنْ الْمُقِيمِينَ، وَمَنْ فِي دَاخِلِ الْمِيقَاتِ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَحُجُّوا فِي سَنَتِهِمْ، فَيَكُونُوا مُتَمَتِّعِينَ، وَهُمْ عَنْ التَّمَتُّعِ مَمْنُوعُونَ، وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ لِلْمَكِّيِّ عَنْ الْعُمْرَةِ الْمُفْرَدَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، إذَا لَمْ يَحُجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَمَنْ خَالَفَ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ شَرْحُ اللُّبَابِ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ، وَهُوَ رَدٌّ عَلَى مَا اخْتَارَهُ فِي الْفَتْحِ مِنْ كَرَاهَتِهَا لِلْمَكِّيِّ، وَإِنْ لَمْ يَحُجَّ وَنَقَلَ عَنْ الْقَاضِي عِيدٍ فِي شَرْحِ الْمَنْسَكِ أَنَّ مَا فِي الْفَتْحِ قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ إنَّهُ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ لِعُلَمَائِنَا وَلَا لِلْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ كَرَاهَتِهَا لِأَهْلِ مَكَّةَ. اهـ.

قُلْت: وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي بَابِ التَّمَتُّعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا وَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ مِنْ تَقْيِيدِهِ كَرَاهَةَ الْعُمْرَةِ فِي الْأَيَّامِ الْخَمْسَةِ بِقَوْلِهِ: أَيْ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ أَوْ مُرِيدِ الْحَجِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ أَيْ كُرِهَ إنْشَاؤُهَا بِالْإِحْرَامِ) أَيْ كُرِهَ إنْشَاءُ الْإِحْرَامِ لَهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ ح (قَوْلُهُ حَتَّى يَلْزَمَهُ دَمٌ وَإِنْ كَانَ رَفَضَهَا) سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي آخِرِ بَابِ الْجِنَايَاتِ (قَوْلُهُ لَا أَدَاؤُهَا) عَطْفٌ عَلَى إنْشَاؤُهَا ح

<<  <  ج: ص:  >  >>