كَمَا مَرَّ (وَ) بِشَرْطِ (شَهَادَةِ عَدَدٍ) نِصَابٍ وَلَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ، وَمَا فِي الْحَاوِي غَلَطٌ بَحْرٌ (عَنْ كُلِّ أَصْلٍ) وَلَوْ امْرَأَةً (لَا تَغَايُرِ فَرْعَيْ هَذَا وَذَاكَ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.
(وَ) كَيْفِيَّتُهَا أَنْ (يَقُولَ الْأَصْلُ مُخَاطِبًا لِلْفَرْعِ) وَلَوْ ابْنَهُ بَحْرٌ (اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَنِّي أَشْهَدُ بِكَذَا) وَيَكْفِي سُكُوتُ الْفَرْعِ، وَلَوْ رَدَّهُ ارْتَدَّ قُنْيَةٌ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَةِ مَنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ عِنْدَهُ حَاوِي (وَيَقُولُ الْفَرْعُ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا أَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ بِكَذَا وَقَالَ لِي اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي بِذَلِكَ) هَذَا أَوْسَطُ الْعِبَارَاتِ وَفِيهِ خَمْسُ شِينَاتٍ، وَالْأَقْصَرُ أَنْ يَقُولَ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي بِكَذَا وَيَقُولَ الْفَرْعُ أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ، وَكَذَا فَتْوَى السَّرَخْسِيِّ وَغَيْرِهِ ابْنُ كَمَالٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الزَّاهِدِيِّ.
ــ
[رد المحتار]
لَوْ حَلَّ بِهِمْ الْعُذْرُ يَشْهَدُ الْفُرُوعُ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْمِنَحِ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ.
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَجَازَ الْإِشْهَادُ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ وَمَا فِي الْحَاوِي غَلَطٌ) مِنْ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ عَلَى الشَّهَادَةِ. وَفِي الْهَامِشِ: وَلَوْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ وَأَحَدُهُمَا يَشْهَدُ بِنَفْسِهِ أَيْضًا لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ.
(قَوْلُهُ عَنْ كُلِّ أَصْلٍ) فَلَوْ شَهِدَ عَشَرَةٌ عَلَى شَهَادَةِ وَاحِدٍ تُقْبَلُ وَلَكِنْ لَا يَقْضِي حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدٌ آخَرُ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِشَهَادَتِهِمْ شَهَادَةُ وَاحِدٍ بَحْرٌ عَنْ الْخِزَانَةِ، وَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ وَآخَرَانِ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِ يَصِحُّ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
(قَوْلُهُ وَذَاكَ) يَعْنِي بِأَنْ يَكُونَ لِكُلِّ شَاهِدٍ شَاهِدَانِ مُتَغَايِرَانِ بَلْ يَكْفِي شَاهِدَانِ عَلَى كُلِّ أَصْلٍ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ ابْنَهُ) كَمَا يَأْتِي مَتْنًا.
(قَوْلُهُ إنِّي أَشْهَدُ بِكَذَا) قَيَّدَ بِقَوْلِهِ أَشْهَدُ لِأَنَّهُ بِدُونِهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ سَمِعَهَا مِنْهُ لِأَنَّهُ كَالنَّائِبِ عَنْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّحْمِيلِ وَالتَّوْكِيلِ، وَبِقَوْلِهِ عَلَى شَهَادَتِي لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ اشْهَدْ عَلَيَّ بِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْإِشْهَادُ عَلَى نَفْسِ الْحَقِّ الْمَشْهُودِ بِهِ فَيَكُونُ أَمْرًا بِالْكَذِبِ، وَبِعَلَى، لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ بِشَهَادَتِي لَمْ يَجُزْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا بِأَنْ يَشْهَدَ مِثْلَ شَهَادَتِهِ بِالْكَذِبِ وَبِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُمَا الْقَاضِي عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ سُكُوتُ الْفَرْعِ) أَيْ عِنْدَ تَحْمِيلِهِ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَوْ قَالَ لَا أَقْبَلُ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِيرَ شَاهِدًا حَتَّى لَوْ شَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ اهـ.
(قَوْلُهُ حَاوِي) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ وَرَقَةٍ، وَفِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، الْفَرْعُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ الْأَصْلَ بِعَدَالَةٍ وَلَا غَيْرِهَا فَهُوَ مُسِيءٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَتِهِ بِتَرْكِهِ الِاحْتِيَاطَ اهـ. وَقَالُوا الْإِسَاءَةُ أَفْحَشُ مِنْ الْكَرَاهَةِ اهـ. لَكِنْ ذَكَرَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمَنَارِ أَنَّهَا دُونَهَا، وَرَأَيْتُ مِثْلَهُ فِي التَّقْرِيرِ شَرْحُ الْبَزْدَوِيِّ وَالتَّحْقِيقُ وَغَيْرُهُمَا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ أَنَّ فُلَانًا إلَخْ) وَيَذْكُرُ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ هَذَا أَوْسَطُ الْعِبَارَاتِ) وَالْأَطْوَلُ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا شَهِدَ عِنْدِي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ وَأَمَرَنِي أَنْ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَأَنَا الْآنَ أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ بِذَلِكَ فَفِيهِ ثَمَانِ شِينَاتٍ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَتْوَى السَّرَخْسِيِّ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ وَأُسْتَاذِهِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَهَكَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ، وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ: وَحَكَى أَنَّ فُقَهَاءَ زَمَنِ أَبِي جَعْفَرٍ خَالَفُوهُ وَاشْتَرَطُوا زِيَادَةً طَوِيلَةً فَأَخْرَجَ أَبُو جَعْفَرٍ الرِّوَايَةَ مِنْ السِّيَرِ الْكَبِيرِ فَانْقَادُوا لَهُ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: فَلَوْ اعْتَمَدَ أَحَدٌ عَلَى هَذَا كَانَ أَسْهَلَ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ كَلَامِ الْقُدُورِيِّ الْمُشْتَمِلَ عَلَى خَمْسِ شِينَاتٍ حَيْثُ حَكَاهُ، وَذَكَرَ أَنَّ ثَمَّ أَطْوَلَ مِنْهُ وَأَقْصَرَ. ثُمَّ قَالَ: وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا.
وَذَكَرَ أَبُو نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ شَارِحُ الْقُدُورِيِّ أَقْصَرَ آخَرَ بِثَلَاثِ شِينَاتٍ وَهُوَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا أَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ عِنْدَهُ بِكَذَا، ثُمَّ قَالَ: وَمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ أَوْلَى وَأَحْوَطُ.
ثُمَّ حَكَى خِلَافًا فِي أَنَّ قَوْلَهُ وَقَالَ لِي اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي شَرْطٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُلْهُ احْتَمَلَ أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَشْهَدَ مِثْلَ شَهَادَتِهِ وَهُوَ كَذِبٌ وَأَنَّهُ أَمَرَهُ عَلَى وَجْهِ التَّحَمُّلِ فَلَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ لِأَنَّ أَمْرَ الشَّاهِدِ مَحْمُولٌ عَلَى