للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِخِلَافِ: مَا غَصَبَك النَّاسُ أَوْ مَنْ غَصَبَك مِنْ النَّاسِ أَوْ بَايَعَك أَوْ قَتَلَك أَوْ مَنْ غَصَبْته أَوْ قَتَلْته فَأَنَا كَفِيلُهُ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ، كَقَوْلِهِ مَا غَصَبَك أَهْلُ هَذِهِ الدَّارِ فَأَنَا ضَامِنُهُ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ حَتَّى يُسَمِّيَ إنْسَانًا بِعَيْنِهِ

(أَوْ عُلِّقَتْ بِشَرْطٍ صَرِيحٍ مُلَائِمٍ) أَيْ مُوَافِقٍ لِلْكَفَالَةِ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: بِكَوْنِهِ شَرْطًا لِلُزُومِ الْحَقِّ (نَحْوُ) قَوْلِهِ (إنْ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ) أَوْ جَحَدَك الْمُودِعُ أَوْ غَصَبَك كَذَا أَوْ قَتَلَك أَوْ قَتَلَ ابْنَك أَوْ صَيْدَك فَعَلَيَّ الدِّيَةُ وَرَضِيَ بِهِ الْمَكْفُولُ جَازَ، بِخِلَافِ إنْ أَكَلَك سَبُعٌ

ــ

[رد المحتار]

لَوْ رَجَعَ عَنْ هَذَا الضَّمَانِ قَبْلَ أَنْ يُبَايِعَهُ وَنَهَاهُ عَنْ مُبَايَعَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْوَلْوَالَجِيُّ نَهْيَهُ عِنْدَ الرُّجُوعِ حَيْثُ قَالَ لَوْ قَالَ رَجَعْت عَنْ الْكَفَالَةِ قَبْلَ الْمُبَايَعَةِ لَمْ يَلْزَمْ الْكَفِيلَ شَيْءٌ، وَفِي الْكَفَالَةِ بِالذَّوْبِ لَا يَصِحُّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأُولَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَمْرِ دَلَالَةً وَهَذَا الْأَمْرُ غَيْرُ لَازِمٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَا هُوَ لَازِمٌ. اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ نَهْرٌ أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ كَفَلْت لَكَ مِمَّا ذَابَ لَكَ عَلَى فُلَانٍ: أَيْ بِمَا ثَبَتَ لَكَ عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ كَفَالَةً بِمُحَقَّقٍ لَازِمٍ، بِخِلَافٍ بِمَا بَايَعْته فَإِنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ بَعْدَ بَيَانِهِ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ؛ لِأَنَّ لُزُومَ الْكَفَالَةِ بَعْدَ وُجُودِ الْمُبَايَعَةِ وَتُوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ عَلَى الْكَفِيلِ، فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ هُوَ غَيْرُ مَطْلُوبٍ بِشَيْءٍ وَلَا مُلْتَزِمٌ فِي ذِمَّتِهِ شَيْئًا فَيَصِحُّ رُجُوعُهُ، يُوَضِّحُهُ أَنَّ بَعْدَ الْمُبَايَعَةِ إنَّمَا أَوْجَبْنَا الْمَالَ عَلَى الْكَفِيلِ دَفْعًا لِلْغُرُورِ عَنْ الطَّالِبِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ إنَّمَا اعْتَمَدْت فِي الْمُبَايَعَةِ مَعَهُ كَفَالَةَ هَذَا الرَّجُلِ، وَقَدْ انْدَفَعَ هَذَا الْغُرُورُ حِينَ نَهَاهُ عَنْ الْمُبَايَعَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ مَا غَصَبَك النَّاسُ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِالْمَتْنِ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: قَيَّدَ بِقَوْلِهِ فُلَانًا لِيَصِيرَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ مَعْلُومًا فَإِنَّ جَهَالَتَهُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ اهـ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ سِتَّ مَسَائِلَ، فَفِي الْأُولَى جَهَالَةُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ جَهَالَةُ الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ، وَفِي الْخَامِسَةِ وَالسَّادِسَةِ جَهَالَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ، وَهَذَا دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا تَصِحُّ بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ مَا غَصَبَك أَهْلُ هَذِهِ الدَّارِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ فِيهِ جَهَالَةَ الْمَكْفُولِ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ حَاضِرِينَ مَا بَايَعْتُمُوهُ فَعَلَيَّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، فَأَيُّهُمْ بَايَعَهُ فَعَلَى الْكَفِيلِ.

وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْأُولَى لَيْسُوا مُعَيَّنِينَ مَعْلُومِينَ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ وَفِي الثَّانِيَةِ مُعَيَّنُونَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَهَالَةَ الْمَكْفُولِ لَهُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ، وَفِي التَّخْيِيرِ لَا تَمْنَعُ نَحْوُ كَفَلْت مَا لَكَ عَلَى فُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ نَهْرٌ.

وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ يَجِبُ كَوْنُ أَهْلِ الدَّارِ لَيْسُوا مُعَيَّنِينَ مَعْلُومِينَ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ

(قَوْلُهُ: أَوْ عُلِّقَتْ بِشَرْطٍ صَرِيحٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِكَفَلْت مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ مُنَجَّزٌ، فَهُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِك إذَا نُجِّزَتْ أَوْ عُلِّقَتْ إلَخْ، وَالْمُرَادُ بِالصَّرِيحِ مَا صَرَّحَ بِهِ بِأَدَاةِ التَّعْلِيقِ وَهِيَ إنْ أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا، فَدَخَلَ فِيهِ بِالْأَوْلَى مَا كَانَ فِي مَعْنَى التَّعْلِيقِ مِثْلُ عَلَى فَإِنَّهُ يُسَمَّى تَقْيِيدًا بِالشَّرْطِ لَا تَعْلِيقًا مَحْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي بَحْثِ مَا يُبْطِلُ تَعْلِيقَهُ، أَوْ الْمُرَادُ بِالصَّرِيحِ مَا قَابَلَ الضِّمْنِيَّ فِي قَوْلِهِ مَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ فَإِنَّ الْمَعْنَى إنْ بَايَعْت كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَقَدْ عَدَّهُ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: مُلَائِمٌ) أَيْ مُوَافِقٌ مِنْ الْمُلَاءَمَةِ بِالْهَمْزِ وَقَدْ تُقْلَبُ يَاءً.

(قَوْلُهُ: بِأَحَدِ أُمُورٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمُوَافِقٍ وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ ط.

(قَوْلُهُ: بِكَوْنِهِ شَرْطًا إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ أَحَدِ أُمُورٍ بَدَلُ مُفَصَّلٍ مِنْ مُجْمَلٍ ط.

وَعَبَّرَ فِي الْفَتْحِ بَدَلَ الشَّرْطِ بِالسَّبَبِ وَقَالَ فَإِنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمَبِيعِ سَبَبٌ لِوُجُودِ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي.

(قَوْلُهُ: أَوْ جَحَدَك الْمُودِعُ) وَمِثْلُهُ إنْ أَتْلَفَ لَكَ الْمُودِعُ، وَكَذَا كُلُّ الْأَمَانَاتِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفُصُولَيْنِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ قَتَلَك) أَيْ خَطَأً كَمَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْخُلَاصَةِ، وَقَدَّمْنَاهُ عَنْ الْكَافِي، وَقَدَّمْنَا أَيْضًا عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالدِّيَةِ لَا تَصِحُّ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَعَلَى الدِّيَةِ) أَرَادَ بِهَا الْبَدَلَ فَيَشْمَلُ بَاقِيَ الْأَمْثِلَةِ.

(قَوْلُهُ: وَرَضِيَ بِهِ الْمَكْفُولُ) أَيْ الْمَكْفُولُ لَهُ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إنْ أَكَلَك السَّبُعُ) لِأَنَّ فِعْلَهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ لِحَدِيثِ «جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ»

<<  <  ج: ص:  >  >>