للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ قَالَ لِلسَّاكِنِ: اُسْكُنْ بِكَذَا وَإِلَّا فَانْتَقِلْ أَوْ قَالَ الرَّاعِي: لَا أَرْضَى بِالْمُسَمَّى، بَلْ بِكَذَا فَسَكَتَ لَزِمَ مَا سَمَّى.

بَقِيَ لَوْ سَكَتَ ثُمَّ لَمَّا طَالَبَهُ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ كَلَامَكَ هَلْ يُصَدَّقُ إنْ بِهِ صَمَمٌ؟ نَعَمْ وَإِلَّا لَا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ

(لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُؤَجَّرَ) بَعْدَ قَبْضِهِ قِيلَ وَقَبْلَهُ (مِنْ غَيْرِ مُؤَجِّرِهِ، وَأَمَّا مِنْ مُؤَجِّرِهِ فَلَا) يَجُوزُ وَإِنْ تَخَلَّلَ ثَالِثٌ بِهِ يُفْتَى لِلُزُومِ تَمْلِيكِ الْمَالِكِ، وَهَلْ تَبْطُلُ الْأُولَى بِالْإِجَارَةِ لِلْمَالِكِ؟ الصَّحِيحُ لَا وَهْبَانِيَّةٌ.

قُلْتُ: وَصَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ. وَفِي الْمُضْمَرَاتِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَقَدَّمْنَا عَنْ الْبَحْرِ مُعَزِّيًا لِلْجَوْهَرَةِ الْأَصَحُّ نَعَمْ، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ ثَمَّةَ، وَنَقَلَ هُنَا عَنْ الْخُلَاصَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ قَبَضَهُ مِنْهُ بَعْدَ مَا اسْتَأْجَرَهُ بِطَلَبٍ

ــ

[رد المحتار]

فَلَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ سَكَنَ الْمُعَدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ لَا يَلْزَمُهُ أَجْرٌ. (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ إلَخْ) فِي التتارخانية اكْتَرَى دَارًا سَنَةً بِأَلْفٍ فَلَمَّا انْقَضَتْ قَالَ: إنْ فَرَّغْتَهَا الْيَوْمَ وَإِلَّا فَهِيَ عَلَيْكَ كُلُّ شَهْرٍ بِأَلْفٍ وَالْمُسْتَأْجِرُ مُقِرٌّ لَهُ بِالدَّارِ فَإِنَّا نَجْعَلُ فِي قَدْرِ مَا يَنْقُلُ مَتَاعَهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَبَعْدَ ذَلِكَ بِمَا قَالَ الْمَالِكُ. (قَوْلُهُ بَقِيَ لَوْ سَكَتَ إلَخْ) هَذِهِ حَادِثَةُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَنَةَ ٩٦٦ أَجَابَ عَنْهَا الْمُصَنِّفُ بِمَا ذُكِرَ كَمَا قَالَهُ قُبَيْلَ بَابِ ضَمَانِ الْأَجِيرِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ صَرَّحُوا بِالْحُكْمِ هَكَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ.

مَطْلَبٌ فِي إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْمُؤَجِّرِ وَلِغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُؤَجِّرُ إلَخْ) أَيْ مَا اسْتَأْجَرَهُ بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ الْأُولَى أَوْ بِأَنْقَصَ، فَلَوْ بِأَكْثَرَ تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ قِيلَ وَقَبْلَهُ) أَيْ فَالْخِلَافُ فِي الْإِجَارَةِ كَالْخِلَافِ فِي الْبَيْعِ، فَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ، وَقِيلَ لَا خِلَافَ فِي الْإِجَارَةِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ، فَلَوْ مَنْقُولًا لَمْ يَجُزْ قَبْلَ الْقَبْضِ كَذَا فِي التتارخانية (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ مُؤَجِّرِهِ) سَوَاءٌ كَانَ مُؤَجِّرُهُ مَالِكًا أَوْ مُسْتَأْجِرًا مِنْ الْمَالِكِ كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ الْآتِي؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ الْمَالِكِ مَالِكٌ لِلْمَنْفَعَةِ.

وَوَقَعَ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الثَّانِيَ إذَا آجَرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ يَصِحُّ، وَقَدْ رَاجَعْتُ الْخُلَاصَةَ فَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ، وَهَكَذَا رَأَيْتُ فِي هَامِشِ الْمِنَحِ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَنَّهُ رَاجَعَ عِدَّةَ نُسَخٍ مِنْ الْخُلَاصَةِ فَلَمْ يَجِدْ ذَلِكَ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَخَلَّلَ ثَالِثٌ) أَيْ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ شَخْصٌ فَآجَرَ لِلْمُؤَجِّرِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ ابْنُ الشِّحْنَةِ. (قَوْلُهُ لِلُزُومِ تَمْلِيكِ الْمَالِكِ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ فِي حَقِّ الْمَنْفَعَةِ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُؤَجِّرِ فَيَلْزَمُ تَمْلِيكُ الْمَالِكِ مِنَحٌ.

وَفِي التتارخانية: اسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ بِالْإِيجَارِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ آجِرًا وَمُسْتَأْجِرًا. وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ: كُنْتُ أُفْتِي بِهِ ثُمَّ رَجَعْتُ وَأَفْتَى بِالْجَوَازِ.

أَقُولُ: يَظْهَرُ مِنْ هَذَا حُكْمُ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْوَقْفَ مِمَّنْ آجَرَهُ لَهُ، وَقَدْ تَوَجَّهَ فِيهِ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَقَالَ لَمْ أَرَهُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ الصَّحِيحُ لَا) بَلْ فِي التتارخانية عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْقَوْلَ بِالِانْفِسَاخِ غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ فَاسِدٌ وَالْأَوَّلَ صَحِيحٌ أَيْ وَالْفَاسِدُ لَا يَرْفَعُ الصَّحِيحَ. (قَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا) أَيْ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ عَنْ الْخُلَاصَةِ) وَنَصُّهَا: وَتَأْوِيلُ مَا ذَكَرَ فِي النَّوَازِلِ أَنَّ الْآجِرَ قَبَضَ الْمُسْتَأْجَرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ مَا اسْتَأْجَرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَبَضَ مِنْهُ بِدُونِ الْإِجَارَةِ سَقَطَ الْأَجْرُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَهَذَا أَوْلَى: قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ الْأَجْرُ اهـ.

أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي انْفِسَاخِ الْأُولَى وَعَدَمِهِ. وَسُقُوطُ الْأَجْرِ لَا يَسْتَلْزِمُ الِانْفِسَاخَ كَمَا لَا يَخْفَى، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي التتارخانية عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ إنْ قَبَضَهَا رَبُّ الدَّارِ سَقَطَ الْأَجْرُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ مَا دَامَتْ فِي يَدَيْهِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالتَّسْلِيمِ اهـ فَقَدْ صَرَّحَ بِسُقُوطِ الْأَجْرِ وَبِأَنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَلَوْ انْفَسَخَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>