للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ شَرِكَةُ الصَّنَائِعِ، فَهَذَا بِوَجَاهَتِهِ يُقْبَلُ وَهَذَا بِحَذَاقَتِهِ يُعْمَلُ (كَاسْتِئْجَارِ جَمَلٍ لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ مَحْمَلًا وَرَاكِبَيْنِ إلَى مَكَّةَ وَلَهُ الْمَحْمَلُ الْمُعْتَادُ وَرُؤْيَتُهُ أَحَبُّ) وَكَذَا إذَا لَمْ يَرَ الطَّرَّاحَةَ وَاللِّحَافَ.

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ تَكَارَى إلَى مَكَّةَ إبِلًا مُسَمَّاةً بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا جَازَ وَيَحْمِلُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ حَمْلًا فِي ذِمَّةِ الْمُكَارِي وَالْإِبِلُ آلَةٌ وَجَهَالَتُهَا لَا تُفْسِدُ.

قُلْتُ: فَمَا يَفْعَلُهُ الْحُجَّاجُ مِنْ الْإِجَارَةِ لِلْحَمْلِ أَوْ الرُّكُوبِ إلَى مَكَّةَ بِلَا تَعْيِينِ الْإِبِلِ صَحِيحٌ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

(اسْتَأْجَرَ جَمَلًا لِحَمْلِ مِقْدَارٍ مِنْ الزَّادِ فَأَكَلَ مِنْهُ رَدَّ عِوَضَهُ) مِنْ زَادٍ وَنَحْوِهِ (قَالَ لِغَاصِبِ دَارِهِ فَرِّغْهَا وَإِلَّا فَأُجْرَتُهَا كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا فَلَمْ يُفَرِّغْ وَجَبَ) عَلَى الْغَاصِبِ (الْمُسَمَّى) ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ رِضًا (إلَّا إذَا أَنْكَرَ الْغَاصِبُ مِلْكَهُ وَإِنْ أَثْبَتَهُ بِبَيِّنَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَنْكَرَهُ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا بِالْإِجَارَةِ (أَوْ أَقَرَّ) عَطْفٌ عَلَى أَنْكَرَ (بِهِ) أَيْ يَمْلِكُهُ (وَلَكِنْ لَمْ يَرْضَ بِالْأُجْرَةِ) ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِعَدَمِ الرِّضَا، فِي الْأَشْبَاهِ السُّكُوتُ فِي الْإِجَارَةِ رِضًا وَقَبُولٌ،

ــ

[رد المحتار]

اسْتِئْجَارٌ بِنِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ عَمَلِهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ كَقَفِيزِ الطَّحَّانِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرِكَةُ الصَّنَائِعِ) فِيهِ تَعْرِيضٌ بِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ جَعَلَهَا شَرِكَةَ وُجُوهٍ. وَرَدَّهُ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّ شَرِكَةَ الْوُجُوهِ أَنْ يَشْتَرِكَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِوُجُوهِهِمَا وَيَبِيعَا وَلَيْسَ فِي هَذَا بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ. وَأَجَابَ فِي الْعَزْمِيَّةِ بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهَا الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهَا بَلْ مَا وَقَعَ فِيهَا تَقَبُّلُ الْعَمَلِ بِالْوَجَاهَةِ يُرْشِدُكَ إلَيْهِ قَوْلُهُ هَذَا بِوَجَاهَتِهِ يَقْبَلُ وَهَذَا بِحَذَاقَتِهِ يَعْمَلُ اهـ وَفِيهِ بُعْدٌ. (قَوْلُهُ كَاسْتِئْجَارِ جَمَلٍ) التَّشْبِيهُ فِي كَوْنِ صِحَّةِ كُلٍّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ. (قَوْلُهُ مَحْمِلًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأَوَّلِ وَكَسْرِ الثَّانِي أَوْ بِالْعَكْسِ: الْهَوْدَجُ الْكَبِيرُ الْحَجَّاجِيُّ إتْقَانِيٌّ عَنْ الْمُغْرِبِ. (قَوْلُهُ وَلَهُ الْمَحْمِلُ الْمُعْتَادُ) أَيْ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ.

قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الرَّاكِبِينَ أَوْ يَقُولُ عَلَى أَنْ أُرْكِبَ مَنْ أَشَاءُ. أَمَّا إذَا قَالَ: اسْتَأْجَرْتُ عَلَى الرُّكُوبِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ، وَعَلَى الْمُكْرِي تَسْلِيمُ الْحِزَامِ وَالْقَتَبِ وَالسَّرْجِ وَالْبَرَّةِ الَّتِي فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ وَاللِّجَامِ لِلْفَرَسِ وَالْبَرْذَعَةِ لِلْحِمَارِ، فَإِنْ تَلِفَ شَيْءٌ فِي يَدِ الْمُكْتَرِي لَمْ يَضْمَنْهُ كَالدَّابَّةِ، وَعَلَى الْمُكْرِي إشَالَةُ الْمَحْمِلِ وَحَطُّهُ وَسَوْقُ الدَّابَّةِ وَقَوْدِهَا وَأَنْ يُنْزِلَ الرَّاكِبِينَ لِلطَّهَارَةِ وَصَلَاةِ الْفَرْضِ، وَلَا يَجِبُ لِلْأَكْلِ وَصَلَاةِ النَّفْلِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُمْ فِعْلُهَا عَلَى الظَّهْرِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُبَرِّكَ الْجَمَلَ لِلْمَرْأَةِ وَالْمَرِيضِ وَالشَّيْخِ الضَّعِيفِ. (قَوْلُهُ وَرُؤْيَتُهُ أَحَبُّ) نَفْيًا لِلْجَهَالَةِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ (قَوْلُهُ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ) عِبَارَتُهَا: وَإِذَا تَكَارَى مِنْ الْكُوفَةِ إلَى مَكَّةَ إبِلًا مُسَمَّاةً بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مَجْهُولٌ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لَا بِعَيْنِهِ لَا يَجُوزُ.

قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي شَرْحِ الْكَافِي: لَيْسَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُكَارِيَ إبِلًا مُسَمَّاةً بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا، لَكِنْ صُورَتُهَا أَنَّ الْمُكَارِيَ يَقْبَلُ الْحُمُولَةَ، كَأَنْ قَالَ الْمُسْتَكْرِي: احْمِلْنِي إلَى مَكَّةَ عَلَى الْإِبِلِ بِكَذَا فَقَالَ الْمُكَارِي: قَبِلْتُ فَيَكُونُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ حَمْلًا فِي ذِمَّةِ الْمُكَارِي وَإِنَّهُ مَعْلُومٌ وَالْإِبِلُ آلَةُ الْمُكَارِي لِيَتَأَدَّى مَا وَجَبَ فِي ذِمَّتِهِ، وَجَهَالَةُ الْآلَةِ لَا تُوجِبُ إفْسَادَ الْإِجَارَةِ.

قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: عِنْدِي يَجُوزُ كَمَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ اهـ وَمُرَادُهُ بِالْكِتَابِ الْأَصْلُ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا، فَقَدْ نَقَلَهُ فِي التتارخانية عَنْهُ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَيُفْتَى بِالْجَوَازِ لِلْعُرْفِ، فَإِنْ لَمْ يَصِرْ مُعْتَادًا لَا يَجُوزُ اهـ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيَجْعَلُ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إلَخْ هُوَ تَفْسِيرُ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ خِلَافُهُ إنْ تُعُورِفَ

(قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) قَالَ الأتقاني: وَكَذَا غَيْرُ الزَّادِ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذَا انْتَقَصَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عِوَضَ ذَلِكَ

١ -

(قَوْلُهُ إلَّا إذَا أَنْكَرَهُ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَجِبْ الْمُسَمَّى، وَهَلْ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ؟ وَسَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ.

وَلَكَ أَنْ تَقُولَ إذَا أَنْكَرَ الْمِلْكَ فِي الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ لَا يَكُونُ غَاصِبًا ظَاهِرًا سَائِحَانِيٌّ أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>