للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى كُلِّ حَالٍ إذَا تَلِفَ بِذَلِكَ الْمَوْضُوعِ شَيْءٌ) سَوَاءٌ تَلِفَ بِهِ وَهُوَ فِي مَكَانِهِ أَوْ بَعْدَ مَا زَالَ عَنْهُ (بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَاضِعِ فِيهِ حَقُّ الْوَضْعِ) حَيْثُ يَضْمَنُ الْوَاضِعُ إذَا تَلِفَ بِهِ شَيْءٌ وَهُوَ فِي مَكَانِهِ، وَكَذَا بَعْدَ مَا زَالَ، لَا بِمُزِيلٍ كَوَضْعِ جَرَّةٍ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ آخَرَ أُخْرَى فَتَدَحْرَجَتَا فَانْكَسَرَتَا ضَمِنَ كُلٌّ جَرَّةَ صَاحِبِهِ، وَإِنْ زَالَ بِمُزِيلٍ كَرِيحٍ وَسَيْلٍ لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كَمَا حَقَّقَهُ فِي الْخَانِيَّةِ.

ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ وَضَعَ جَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ فَاحْتَرَقَ بِذَلِكَ شَيْءٌ ضَمِنَ) لِتَعَدِّيهِ بِالْوَضْعِ (وَكَذَا) يَضْمَنُ (فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ فِيهِ حَقُّ الْمُرُورِ إلَّا إذَا هَبَّتْ بِهِ) أَيْ بِالْوَضْعِ (الرِّيحُ فَلَا ضَمَانَ) لِنَسْخِهَا فِعْلَهُ، وَكَذَا لَوْ دَحْرَجَ السَّيْلُ الْحَجَرَ (وَبِهِ يُفْتَى) خَانِيَّةٌ، وَلَوْ أَخْرَجَ الْحَدَّادُ الْحَدِيدَ مِنْ الْكِيرِ فِي دُكَّانِهِ ثُمَّ ضَرَبَهُ بِمِطْرَقَةٍ فَخَرَجَ الشَّرَارُ إلَى الطَّرِيقِ وَأَحْرَقَ شَيْئًا ضَمِنَ، وَلَوْ لَمْ يَضْرِبْهُ وَأَخْرَجَهُ الرِّيحُ لَا زَيْلَعِيٌّ

(سَقَى أَرْضَهُ سَقْيًا لَا تَحْتَمِلُهُ فَتَعَدَّى) الْمَاءُ (إلَى أَرْضِ جَارِهِ) فَأَفْسَدَهَا (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ لَا مُتَسَبِّبٌ.

(أَقْعَدَ خَيَّاطٌ أَوْ صَبَّاغٌ فِي حَانُوتِهِ مَنْ يَطْرَحُ عَلَيْهِ الْعَمَلَ بِالنِّصْفِ) سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْعَمَلُ أَوْ اخْتَلَفَ كَخَيَّاطٍ مَعَ قَصَّارٍ (صَحَّ) اسْتِحْسَانًا

ــ

[رد المحتار]

زَادَتْ لَمْ يَضْمَنْ فَلْيُحَرَّرْ

(قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) فَسَّرَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ سَوَاءٌ تَلِفَ إلَخْ. (قَوْلُهُ ثُمَّ آخَرَ) أَيْ ثُمَّ وَضَعَ آخَرَ فَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ وَضَعَ، وَقَالَ ح هُوَ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ الْوَضْعِ الْمَحْذُوفِ: أَيْ كَوَضْعِ شَخْصٍ جَرَّةً فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ وَضَعَ آخَرُ أُخْرَى اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ ط. (قَوْلُهُ فَتَدَحْرَجَتَا) فَلَوْ تَدَحْرَجَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى وَانْكَسَرَتْ الْمُتَدَحْرِجَةُ ضَمِنَ صَاحِبُ الْوَاقِفَةِ وَكَذَا دَابَّتَانِ أُوقِفَا، وَلَوْ عَطِبَتْ الْوَاقِفَةُ لَا ضَمَانَ لِانْتِسَاخِ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ سَائِحَانِيٌّ عَنْ قَاضِي خَانْ

(قَوْلُهُ وَكَذَا يَضْمَنُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ إلَخْ) هَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ صَاحِبُ الْخَانِيَّةِ بَلْ اعْتَبَرَ حَقَّ الْوَضْعِ وَعَدَمَهُ.

وَقَدْ يُثْبِتُ حَقَّ الْمُرُورِ وَلَا يُثْبِتُ حَقَّ الْوَضْعِ كَمَا فِي الطَّرِيقِ، وَإِنَّمَا الَّذِي اعْتَبَرَ حَقَّ الْمُرُورِ وَعَدَمَهُ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ، وَذَكَرَ أَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى.

قَالَ فِي الْمِنَحِ: وَفَصَّلَ فِي الْخُلَاصَةِ فِيمَا لَوْ سَقَطَ مِنْهُ جَمْرَةٌ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ فِيهِ حَقُّ الْمُرُورِ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ مِنْهُ فَيَضْمَنَ وَبَيْنَ إنْ ذَهَبَتْ بِهَا الرِّيحُ فَلَا يَضْمَنُ.

قَالَ وَهَذَا أَظْهَرُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَغَالِبُ الْكُتُبِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ ط. (قَوْلُهُ مِنْ الْكِيرِ) هُوَ بِالْكَسْرِ: زِقٌّ يَنْفُخُ فِيهِ الْحَدَّادُ، وَأَمَّا الْمَبْنِيُّ مِنْ الطِّينِ فَكُورٌ وَالْجَمْعُ أَكْيَارٌ وَكِيَرَةٌ كَعِنَبَةٍ وَكِيرَانٌ. قَامُوسٌ فَالْمُنَاسِبُ الْكُورُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ ط، لَكِنْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا» فَلَعَلَّهُ مُشْتَرَكٌ تَأَمَّلْ، وَعَبَّرَ الأتقاني بِالْكُورِ. (قَوْلُهُ وَأَحْرَقَ شَيْئًا ضَمِنَ) وَإِنْ فَقَأَ عَيْنَ رَجُلٍ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إتْقَانِيٌّ

(قَوْلُهُ لَا تَحْتَمِلُهُ) يَعْنِي لَا تَحْتَمِلُ بَقَاءَهُ بِأَنْ كَانَتْ صُعُودًا وَأَرْضُ جَارِهِ هُبُوطًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ سَقَى أَرْضَهُ نَفَذَ إلَى جَارِهِ ضَمِنَ، وَلَوْ كَانَ يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ، فَلَوْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ بِالْأَحْكَامِ وَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ وَيَكُونُ هَذَا كَإِشْهَادٍ عَلَى حَائِطٍ، وَلَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ.

أَقُولُ: زَادَ فِي نُورِ الْعَيْنِ عَنْ الْخَانِيَّةِ بَعْدَ قَوْلِهِ ضَمِنَ مَا نَصُّهُ: وَيُؤْمَرُ بِوَضْعِ الْمُسَنَّاةِ حَتَّى يَصِيرَ مَانِعًا وَيُمْنَعُ عَنْ السَّقْيِ قَبْلَ وَضْعِ الْمُسَنَّاةِ. وَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ: لَا يُمْنَعُ عَنْ السَّقْيِ يَعْنِي بِالْفَصْلِ الْأَوَّلِ صُورَةَ عَدَمِ التَّقَدُّمِ اهـ. وَبِهَذِهِ الزِّيَادَةِ حَصَلَ الْجَوَابُ عَنْ اعْتِرَاضِ ط بِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا يُتَصَوَّرَ انْتِفَاعُ رَبِّ الصَّاعِدَةِ اهـ فَافْهَمْ.

وَفِي شُرْبِ الْخُلَاصَةِ الْمَذْكُورِ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ إذَا سَقَى غَيْرَ مُعْتَادٍ ضَمِنَ وَإِنْ مُعْتَادًا لَا يَضْمَنُ

١ -

(قَوْلُهُ صَحَّ) ؛ لِأَنَّ شَرِكَةَ الصَّنَائِعِ يَتَقَبَّلُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْعَمَلَ عَلَى أَنَّ مَا يَتَقَبَّلُهُ يَكُونُ أَصْلًا فِيهِ بِنَفْسِهِ وَوَكِيلًا عَنْ شَرِيكِهِ فَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَهُنَا كَذَلِكَ، فَإِنَّ مَا يُلْقِيهِ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْحَانُوتِ مِنْ الْعَمَلِ يَعْمَلُهُ الصَّانِعُ أَصَالَةً عَنْ نَفْسِهِ وَوَكَالَةً عَنْ صَاحِبِ الْحَانُوتِ فَيَكُونُ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ رَحْمَتِيٌّ. (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>