للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ الْقُدْسُ، ثُمَّ قُبَا، ثُمَّ الْأَقْدَمُ، ثُمَّ الْأَعْظَمُ؛ ثُمَّ الْأَقْرَبُ، وَمَسْجِدُ أُسْتَاذِهِ لِدَرْسِهِ أَوْ لِسَمَاعِ الْأَخْبَارِ أَفْضَلُ اتِّفَاقًا؛ وَمَسْجِدُ حَيِّهِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَامِعِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَا أُلْحِقَ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ مُلْحَقٌ بِهِ فِي الْفَضِيلَةِ، نَعَمْ تَحَرِّي الْأَوَّلِ أَوْلَى، وَهُوَ مِائَةٌ فِي مِائَةِ ذِرَاعٍ، ذَكَرَهُ مُنْلَا عَلِيٌّ فِي شَرْحِ لُبَابِ الْمَنَاسِكِ.

وَيَحْرُمُ فِيهِ السُّؤَالُ، وَيُكْرَهُ الْإِعْطَاءُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ إنْ تَخَطَّى

ــ

[رد المحتار]

وَفِي الْبِيرِيِّ: وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي فِيهِ الْمُضَاعَفَةُ الْمَذْكُورَةُ؛ فَقِيلَ بِقَاعُ الْحَرَامِ، وَقِيلَ الْكَعْبَةُ وَمَا فِي الْحِجْرِ مِنْ الْبَيْتِ، وَقِيلَ الْكَعْبَةُ وَمَا حَوْلَهَا مِنْ الْمَسْجِدِ؛ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَقَالَ إنَّهُ الظَّاهِرُ. وَقَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ: وَلَا يَخْتَصُّ التَّضْعِيفُ بِالْمَسْجِدِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَلْ يَشْمَلُ جَمِيعَ مَا زِيدَ فِيهِ، بَلْ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَعُمُّ جَمِيعَ مَكَّةَ بَلْ جَمِيعَ حَرَمِهَا الَّذِي يَحْرُمُ صَيْدُهُ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ انْتَهَى مَا أَفَادَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا مُحَمَّدُ بْنُ ظَهِيرَةَ الْقُرَشِيُّ الْحَنَفِيُّ الْمَكِّيُّ اهـ مُلَخَّصًا: [تَنْبِيهٌ]

هَذِهِ الْمُضَاعَفَةُ خَاصَّةٌ بِالْفَرْضِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَاةُ أَحَدِكُمْ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» وَإِلَّا وَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنه وَبَيْنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، كَذَا حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ الْمَالِكِيُّ فِي الْقَوَاعِدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الْحِلْيَةِ عَنْ غَايَةِ السُّرُوجِيِّ، وَتَمَامُهُ فِيهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ الْقُدْسُ) لِأَنَّهُ أَحَدُ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي لَا تُشَدُّ الرِّحَالِ إلَّا إلَيْهَا وَالْمَنْصُوصُ عَلَى الْمُضَاعَفَةِ فِيهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ قُبَا) بِالْقَصْرِ وَالْمَدِّ مُنْصَرِفٌ وَغَيْرُ مُنْصَرِفٍ وَالْقَافُ مَضْمُومَةٌ ط لِأَنَّهُ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْأَقْدَمُ ثُمَّ الْأَعْظَمُ) كَذَا فِي الْحِلْيَةِ عَنْ الْأَجْنَاسِ. وَاَلَّذِي فِي الْبَحْرِ بَعْدَ الْقُدْسِ: ثُمَّ الْجَوَامِعُ، ثُمَّ مَسَاجِدُ الْمَحَالِّ، ثُمَّ مَسَاجِدُ الشَّوَارِعِ لِأَنَّهَا أَخَفُّ رُتْبَةً لِأَنَّهُ لَا يُعْتَكَفُ فِيهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا إمَامٌ مَعْلُومٌ وَمُؤَذِّنٌ، ثُمَّ مَسَاجِدُ الْبُيُوتِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ فِيهَا إلَّا لِلنِّسَاءِ. اهـ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: مَسَاجِدُ الشَّوَارِعِ هِيَ الَّتِي بُنِيَتْ فِي الصَّحَارِي مِمَّا لَيْسَ لَهَا مُؤَذِّنٌ وَإِمَامٌ رَاتِبَانِ كَمَا فِي الْجَلَّابِي. اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ بُعْدَ الْقُدْسِ الْجَوَامِعُ: أَيْ الْمَسَاجِدُ الْكَبِيرَةُ الْجَامِعَةُ لِلْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ، لَكِنَّ الْأَقْدَمَ مِنْهَا أَفْضَلُ كَمَسْجِدِ قُبَا، ثُمَّ الْأَعْظَمُ: أَيْ الْأَكْثَرُ جَمَاعَةً فَالْأَعْظَمُ، ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ. وَفِي آخِرِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا مَرَّ عَنْ الْأَجْنَاسِ: ثُمَّ الْأَقْدَمُ أَفْضَلُ لِسَبْقِهِ حُكْمًا، إلَّا إذَا كَانَ الْحَادِثُ أَقْرَبَ إلَى بَيْتِهِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ حِينَئِذٍ لِسَبْقِهِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ. وَذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ وَمُنْيَةِ الْمُفْتِي وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْأَقْدَمَ أَفْضَلُ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقِدَمِ فَالْأَقْرَبُ؛ وَلَوْ اسْتَوَيَا فِيهِمَا وَقَوْمُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ، فَإِنْ كَانَ فَقِيهًا يُقْتَدَى بِهِ يَذْهَبُ لِلْأَقَلِّ جَمَاعَةً تَكْثِيرًا لَهَا بِسَبَبِهِ وَإِلَّا تَخَيَّرَ. وَالْأَفْضَلُ اخْتِيَارُ الَّذِي إمَامُهُ أَفْقَهُ وَأَصْلَحُ، وَمَسْجِدُ حَيِّهِ وَإِنْ قَلَّ جَمْعُهُ أَفْضَلُ مِنْ الْجَامِعِ وَإِنْ كَثُرَ جَمْعُهُ اهـ مُلَخَّصًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِي تَقْدِيمِ الْأَقْدَمِ عَلَى الْأَقْرَبِ خِلَافًا، لَكِنَّ عِبَارَةَ الْخَانِيَّةِ هَكَذَا: وَإِذَا كَانَ فِي مَنْزِلِهِ مَسْجِدَانِ يَذْهَبُ إلَى مَا كَانَ أَقْدَمَ إلَخْ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي مَسْجِدِ الْحَيِّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَفْضَلُ اتِّفَاقًا) أَيْ مِنْ الْأَقْدَمِ وَمَا بَعْدَهُ لِإِحْرَازِهِ فَضِيلَتَيْ الصَّلَاةِ وَالسَّمَاعِ ط (قَوْلُهُ وَمَسْجِدُ حَيِّهِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَامِعِ) أَيْ الَّذِي جَمَاعَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ مَسْجِدِ الْحَيِّ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَالثَّانِي الْعَكْسُ؛ وَمَا هُنَا جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ كَمَا مَرَّ، وَكَذَا فِي الْمُصَفَّى وَالْخَانِيَّةِ، بَلْ فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لِمَسْجِدِ مَنْزِلِهِ مُؤَذِّنٌ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إلَيْهِ وَيُؤَذِّنُ فِيهِ وَيُصَلِّي وَلَوْ كَانَ وَحْدَهُ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا عَلَيْهِ فَيُؤَدِّيه (قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ إلَخْ) قَدَّمْنَا الْكَلَامَ مُسْتَوْفًى عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ قُبَيْلَ بَحْثِ الْقِبْلَةِ فَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ تَخَطَّى) هُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ فِي الْحَظْرِ حَيْثُ قَالَ: فَرْعٌ يُكْرَهُ إعْطَاءُ سَائِلٍ الْمَسْجِدِ إلَّا إذَا لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ فِي الْمُخْتَارِ لِأَنَّ عَلِيًّا تَصَدَّقَ بِخَاتَمِهِ فِي الصَّلَاةِ فَمَدَحَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>