وَيَنْبَغِي لِدَاخِلِهِ تَعَاهُدُ نَعْلِهِ وَخُفِّهِ، وَصَلَاتُهُ فِيهِمَا أَفْضَلُ (لَا) يُكْرَهُ مَا ذُكِرَ (فَوْقَ بَيْتٍ) جُعِلَ (فِيهِ مَسْجِدٌ) بَلْ وَلَا فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ شَرْعًا. (وَ) أَمَّا (الْمُتَّخَذُ لِصَلَاةِ جِنَازَةٍ أَوْ عِيدٍ) فَهُوَ (مَسْجِدٌ فِي حَقِّ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ) وَإِنْ انْفَصَلَ الصُّفُوفُ رِفْقًا بِالنَّاسِ (لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ) بِهِ يُفْتَى نِهَايَةٌ (فَحَلَّ دُخُولُهُ لِجُنُبٍ وَحَائِضٍ) كَفِنَاءِ مَسْجِدٍ وَرِبَاطٍ وَمَدْرَسَةٍ وَمَسَاجِدَ حِيَاضٍ وَأَسْوَاقٍ لَا قَوَارِعَ.
ــ
[رد المحتار]
وَالْمَطَاهِرُ جَمْعُ مِطْهَرَةٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَالْفَتْحُ لُغَةٌ: وَهُوَ كُلُّ إنَاءٍ يُتَطَهَّرُ بِهِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ، وَالْمُرَادُ بِالْحُرْمَةِ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ لِظَنِّيَّةِ الدَّلِيلِ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى - {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [البقرة: ١٢٥]- الْآيَةُ فَيَحْتَمِلُ الطَّهَارَةَ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ تَأَمَّلْ؛ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ أَيْ تَنْزِيهًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَصَلَاتُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي النَّعْلِ وَالْخُفِّ الطَّاهِرَيْنِ أَفْضَلُ مُخَالَفَةً لِلْيَهُودِ تَتَارْخَانِيَّةٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ " «صَلُّوا فِي نِعَالِكُمْ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ كَمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَامِزًا لِصِحَّتِهِ. وَأَخَذَ مِنْهُ جَمْعٌ مِنْ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَلَوْ كَانَ يَمْشِي بِهَا فِي الشَّوَارِعِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَحْبَهُ كَانُوا يَمْشُونَ بِهَا فِي طُرُقِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ يُصَلُّونَ بِهَا
قُلْت: لَكِنْ إذَا خَشِيَ تَلْوِيثَ فُرُشِ الْمَسْجِدِ بِهَا يَنْبَغِي عَدَمُهُ وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرَةً. وَأَمَّا الْمَسْجِدُ النَّبَوِيُّ فَقَدْ كَانَ مَفْرُوشًا بِالْحَصَى فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِهِ فِي زَمَانِنَا، وَلَعَلَّ ذَلِكَ مَحْمَلُ مَا فِي عُمْدَةِ الْمُفْتِي مِنْ أَنَّ دُخُولَ الْمَسْجِدِ مُتَنَعِّلًا مِنْ سُوءِ الْأَدَبِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا يُكْرَهُ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْوَطْءِ وَالْبَوْلِ وَالتَّغَوُّطِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ فَوْقَ بَيْتٍ إلَخْ) أَيْ فَوْقَ مَسْجِدِ الْبَيْتِ: أَيْ مَوْضِعِ أُعِدَّ لِلسُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ، بِأَنْ يُتَّخَذَ لَهُ مِحْرَابٌ وَيُنَظَّفُ وَيُطَيَّبُ كَمَا أَمَرَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَذَا مَنْدُوبٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ وَغَيْرِهِ قُهُسْتَانِيٌّ، فَهُوَ كَمَا لَوْ بَال عَلَى سَطْحِ بَيْتٍ فِيهِ مُصْحَفٌ وَذَلِكَ لَا يُكْرَهُ كَمَا فِي جَامِعِ الْبُرْهَانِيِّ مِعْرَاجٌ.
(قَوْلُهُ: بِهِ يُفْتَى. نِهَايَةٌ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ: وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ مَسْجِدٌ فِي حَقِّ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ إلَخْ، لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْوَطْءُ وَالْبَوْلُ وَالتَّخَلِّي فِيهِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ الْبَانِيَ لَمْ يَعُدَّهُ لِذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ وَإِنْ حَكَمْنَا بِكَوْنِهِ غَيْرَ مَسْجِدٍ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي حَقِّ بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ، وَحَلَّ دُخُولُهُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ. اهـ. وَمُقَابِلُ هَذَا الْمُخْتَارِ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ فِي مُصَلَّى الْجِنَازَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ أَصْلًا، وَمَا صَحَّحَهُ تَاجُ الشَّرِيعَةِ أَنَّ مُصَلَّى الْعِيدِ لَهُ حُكْمُ الْمَسَاجِدِ، وَتَمَامُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ (قَوْلُهُ كَفِنَاءِ مَسْجِدٍ) هُوَ الْمَكَانُ الْمُتَّصِلُ بِهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ طَرِيقٌ، فَهُوَ كَالْمُتَّخَذِ لِصَلَاةِ جِنَازَةٍ أَوْ عِيدٍ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ وَحِلِّ دُخُولٍ لِجُنُبٍ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي آخِرِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ وَرِبَاطٍ) هُوَ مَا يُبْنَى لِسُكْنَى فُقَرَاءِ الصُّوفِيَّةِ، وَيُسَمَّى الْخَانْقَاهْ وَالتَّكِيَّةَ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَدْرَسَةٍ) مَا يُبْنَى لِسُكْنَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَيُجْعَلُ لَهَا مُدَرِّسُ وَمَكَانٌ لِلدَّرْسِ، لَكِنْ إذَا كَانَ فِيهَا مَسْجِدٌ فَحُكْمُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ. فَفِي وَقْفِ الْقُنْيَةِ: الْمَسَاجِدُ الَّتِي فِي الْمَدَارِسِ مَسَاجِدُ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْنَعُونَ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهَا، وَإِذَا أُغْلِقَتْ يَكُونُ فِيهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِهَا. اهـ وَفِي الْخَانِيَّةِ: دَارٌ فِيهَا مَسْجِدٌ لَا يَمْنَعُونَ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ، إنْ كَانَتْ الدَّارُ لَوْ أُغْلِقَتْ كَانَ لَهُ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ فِيهَا فَهُوَ مَسْجِدُ جَمَاعَةٍ تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الْمَسْجِدِ مِنْ حُرْمَةِ الْبَيْعِ وَالدُّخُولِ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانُوا لَا يَمْعَنُونَ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ وَمَسَاجِدِ حِيَاضٍ) مَسْجِدُ الْحَوْضِ مِصْطَبَةٌ يَجْعَلُونَهَا بِجَنْبِ الْحَوْضِ، حَتَّى إذَا تَوَضَّأَ أَحَدٌ مِنْ الْحَوْضِ صَلَّى فِيهَا. اهـ. ح (قَوْلُهُ وَأَسْوَاقٍ) أَيْ غَيْرِ نَافِذَةٍ يَجْعَلُونَ مِصْطَبَةً لِلصَّلَاةِ فِيهَا ح وذَلِكَ كَالَّتِي تُجْعَلُ فِي خَانِ التُّجَّارِ (قَوْلُهُ قَوَارِعَ) أَيْ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ كَالْمَذْكُورَاتِ، قَالَ فِي أَوَاخِرِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَالْمَسَاجِدُ الَّتِي عَلَى قَوَارِعِ الطُّرُقِ لَيْسَ لَهَا جَمَاعَةٌ رَاتِبَةٌ فِي حُكْمِ الْمَسْجِدِ، لَكِنْ لَا يَعْتَكِفُ فِيهَا. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute