الْمُحَاذَاةِ) فَلَا يُكْرَهُ قَالَهُ الْكَمَالُ (وَ) كَمَا كُرِهَ (غَلْقُ بَابِ الْمَسْجِدِ) إلَّا لِخَوْفٍ عَلَى مَتَاعِهِ بِهِ يُفْتَى.
(وَ) كُرِهَ تَحْرِيمًا (الْوَطْءُ فَوْقَهُ، وَالْبَوْلُ وَالتَّغَوُّطُ) لِأَنَّهُ مَسْجِدٌ إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ (وَاِتِّخَاذُهُ طَرِيقًا بِغَيْرِ عُذْرٍ) وَصَرَّحَ فِي الْقُنْيَةِ بِفِسْقِهِ بِاعْتِيَادِهِ (وَإِدْخَالُ نَجَاسَةٍ فِيهِ) وَعَلَيْهِ (فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِدُهْنٍ نَجِسٍ فِيهِ) وَلَا تَطْيِينُهُ بِنَجِسٍ (وَلَا الْبَوْلُ) وَالْفَصْدُ (فِيهِ وَلَوْ فِي إنَاءٍ) وَيَحْرُمُ إدْخَالُ صِبْيَانٍ وَمَجَانِينَ حَيْثُ غَلَبَ تَنْجِيسُهُمْ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ
ــ
[رد المحتار]
غَلَقَ الْبَابَ يَغْلِقُهُ لُغَيَّةٌ رَدِيئَةٌ فِي أَغْلَقَهُ. اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَإِنَّمَا كُرِهَ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَنْعَ مَعَ الصَّلَاةِ، قَالَ تَعَالَى - {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [البقرة: ١١٤]- وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ جَهْلُ بَعْضِ مُدَرِّسِي زَمَانِنَا مِنْ مَنْعِهِمْ مَنْ يُدَرِّسُ فِي مَسْجِدٍ تَقَرَّرَ فِي تَدْرِيسِهِ، وَتَمَامُهُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ إلَّا لِخَوْفٍ عَلَى مَتَاعِهِ) هَذَا أَوْلَى مِنْ التَّقْيِيدِ بِزَمَانِنَا لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى خَوْفِ الضَّرَرِ، فَإِنْ ثَبَتَ فِي زَمَانِنَا فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ ثَبَتَ كَذَلِكَ إلَّا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ، أَوْ لَا فَلَا، أَوْ فِي بَعْضِهَا فَفِي بَعْضِهَا، كَذَا فِي الْفَتْحِ. وَفِي الْعِنَايَةِ: وَالتَّدَبُّرُ فِي الْغَلْقِ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ، فَإِنَّهُمْ إذَا اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ وَجَعَلُوهُ مُتَوَلِّيًا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي يَكُونُ مُتَوَلِّيًا انْتَهَى بَحْرٌ وَنَهْرٌ
(قَوْلُهُ الْوَطْءُ فَوْقَهُ) أَيْ الْجِمَاعُ خَزَائِنُ؛ أَمَّا الْوَطْءُ فَوْقَهُ بِالْقَدَمِ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ إلَّا فِي الْكَعْبَةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ، لِقَوْلِهِمْ بِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فَوْقَهَا. ثُمَّ رَأَيْت الْقُهُسْتَانِيُّ نَقَلَ عَنْ الْمُفِيدِ كَرَاهَةَ الصُّعُودِ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ اهـ وَيَلْزَمُهُ كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ أَيْضًا فَوْقَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَسْجِدٌ) عِلَّةٌ لِكَرَاهَةِ مَا ذُكِرَ فَوْقَهُ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلِهَذَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ بِمَنْ فِيهِ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَى الْإِمَامِ.
وَلَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ بِالصُّعُودِ إلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ؛ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَوَقَفَ عَلَى سَطْحِهَا يَحْنَثُ اهـ (قَوْلُهُ إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَكَذَا إلَى تَحْتِ الثَّرَى كَمَا فِي الْبِيرِيِّ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ. بَقِيَ لَوْ جَعَلَ الْوَاقِفُ تَحْتَهُ بَيْتًا لِلْخَلَاءِ هَلْ يَجُوزُ كَمَا فِي مَسْجِدِ مَحَلَّةِ الشَّحْمِ فِي دِمَشْقَ؟ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا، نَعَمْ سَيَأْتِي مَتْنًا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ تَحْتَهُ سِرْدَابًا بِالْمُصَالَحَةِ جَازَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَاِتِّخَاذُهُ طَرِيقًا) فِي التَّعْبِيرِ بِالِاتِّخَاذِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَفْسُقُ بِمَرَّةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَلِذَا عَبَّرَ فِي الْقُنْيَةِ بِالِاعْتِيَادِ نَهْرٌ. وَفِي الْقُنْيَةِ: دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمَّا تَوَسَّطَهُ نَدِمَ، قِيلَ يَخْرُجُ مِنْ بَابٍ غَيْرِ الَّذِي قَصَدَهُ، وَقِيلَ يُصَلِّي ثُمَّ يَتَخَيَّرُ فِي الْخُرُوجِ، وَقِيلَ إنْ كَانَ مُحْدِثًا يَخْرُجُ مِنْ حَيْثُ دَخَلَ إعْدَامًا لِمَا جَنَى اهـ.
(قَوْلُهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ) فَلَوْ بِعُذْرٍ جَازَ، وَيُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ مَرَّةً بَحْرٌ عَلَى الْخُلَاصَةِ: أَيْ إذَا تَكَرَّرَ دُخُولُهُ تَكْفِيه التَّحِيَّةُ مَرَّةً (قَوْله بِفِسْقِهِ) يَخْرُجُ عَنْهُ بِنِيَّةِ الِاعْتِكَافِ وَإِنْ لَمْ يَمْكُثْ ط عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيُّ (قَوْلُهُ وَإِدْخَالُ نَجَاسَةٍ فِيهِ) عِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ: وَإِدْخَالُ نَجَاسَةٍ فِيهِ يُخَافُ مِنْهَا التَّلْوِيثُ. اهـ. وَمُفَادُهُ الْجَوَازُ لَوْ جَافَّةً، لَكِنْ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: لَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ مَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) زَادَ لَفْظُ عَلَيْهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ لَيْسَ بِمُصَرَّحٍ بِهِ فِي كُتُبِ الْمُتَقَدِّمِينَ؛ وَإِنَّمَا بَنَاهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ إدْخَالِ النَّجَاسَةِ الْمَسْجِدَ، وَجَعَلَهُ مُقَيِّدًا لِقَوْلِهِمْ: إنَّ الدُّهْنَ النَّجِسَ يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَلَا تُطَيِّبْنَهُ بِنَجِسٍ) فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: يُكْرَهُ أَنَّ يُطَيَّنَ الْمَسْجِدُ بِطِينٍ قَدْ بُلَّ بِمَاءٍ نَجِسٍ؛ بِخِلَافِ السِّرْقِينِ إذَا جُعِلَ فِيهِ الطِّينُ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرُورَةً، وَهُوَ تَحْصِيلُ غَرَضٍ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْفَصْدُ) ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ بَحْثًا، فَقَالَ: وَأَمَّا الْفَصْدُ فِيهِ فِي إنَاءٍ فَلَمْ أَرَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا فَرْقَ اهـ: أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَوْلِ، وَكَذَا لَا يُخْرِجُ فِيهِ الرِّيحَ مِنْ الدُّبُرِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ.
وَاخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ؛ فَقِيلَ لَا بَأْسَ، وَقِيلَ يُخْرِجُ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ حَمَوِيٌّ عَنْ شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ إلَخْ) لِمَا أَخْرَجَهُ الْمُنْذِرِيُّ " مَرْفُوعًا «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ، وَبَيْعَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ، وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ، وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ، وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ، وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ، وَاجْعَلُوا عَلَى أَبْوَابِهَا الْمَطَاهِرَ» " بَحْرٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute