فَلَوْ جَاءَ لِيَرُدَّهُ بِخِيَارِ شَرْطٍ أَوْ رُؤْيَةٍ فَقَالَ الْبَائِعُ لَيْسَ هُوَ الْمَبِيعَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فِي تَعْيِينِهِ، وَلَوْ جَاءَ لِيَرُدَّهُ بِخِيَارِ عَيْبٍ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي طُولِ الْمَبِيعِ وَعَرْضِهِ فَتْحٌ.
(اشْتَرَى عَبْدَيْنِ) أَيْ شَيْئَيْنِ يَنْتَفِعُ بِأَحَدِهِمَا وَحْدَهُ
ــ
[رد المحتار]
وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي طُولِ الْمَبِيعِ وَعَرْضِهِ عَلَى خِلَافِ مَا فِي النَّهْرِ كَمَا تَعْرِفُهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَلَوْ جَاءَ لِيَرُدَّهُ إلَخْ) تَفْرِيغٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعْيِينًا؛ وَمِثْلُهُ مَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي الرِّقِّ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِفَسْخِهِ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى رِضَا الْآخَرِ بَلْ عَلَى عِلْمِهِ عَلَى الْخِلَافِ، وَإِذْ انْفَسَخَ يَكُونُ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ ذَلِكَ اخْتِلَافًا فِي الْمَقْبُوضِ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْقَابِضِ، بِخِلَافِ الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ لَا يَنْفَرِدُ الْمُشْتَرِي بِفَسْخِهِ وَلَكِنَّهُ يَدَّعِي ثُبُوتَ حَقِّ الْفَسْخِ فِي الَّذِي أَحْضَرَهُ وَالْبَائِعُ يُنْكِرُهُ. كَذَا فِي الْفَتْحِ مِنْ آخِرِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ
قُلْت: وَمُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا يَكُونُ الْقَوْلُ فِي تَعْيِينِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ بِفَسْخِهِ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى رِضَا الْآخَرِ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي طُولِ الْمَبِيعِ وَعَرْضِهِ) لَمْ أَرَ هَذَا فِي الْفَتْحِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي قَبْلَهُ مَعَ الْفَرْقِ الَّذِي نَقَلْنَاهُ عَنْهُ، نَعَمْ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ مُصَرِّحًا بِأَنَّ الْقَوْلَ لِلْبَائِعِ.
قُلْت: وَهُوَ الَّذِي رَأَيْتُهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَمُنْتَخَبِهَا لِلْعَيْنِيِّ وَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ والتتارخانية، فَمَا نَقَلَهُ فِي النَّهْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُشْتَرِي تَحْرِيفٌ أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ فَافْهَمْ، وَنَصُّ الظَّهِيرِيَّةِ: ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ: رَجُلٌ بَاعَ مِنْ آخَرَ ثَوْبًا مَرْوِيًّا فَقَبَضَهُ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى اخْتَلَفَا فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُهُ عَلَى أَنَّهُ سِتٌّ فِي سَبْعٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُهُ عَلَى أَنَّهُ سَبْعٌ فِي ثَمَانٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ. اهـ.
[تَتِمَّةٌ] قَالَ بِعْتهَا وَبِهَا قُرْحَةٌ فِي مَوْضِعِ كَذَا فَجَاءَ الْمُشْتَرِي لِيَرُدَّهَا بِقُرْحَةٍ فِي ذَلِكَ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنَّهَا هَذِهِ الْقُرْحَةُ بَلْ الْقُرْحَةُ بَرِئَتْ وَهَذِهِ غَيْرُهَا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا نَسَبَ الْعَيْبَ إلَى مَوْضِعٍ وَسَمَّاهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ ذَكَرَهُ مُطْلَقًا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ، وَتَمَامُهُ فِي الذَّخِيرَةِ [خَاتِمَةٌ] بَاعَ أَلْفَ رِطْلٍ مِنْ الْقُطْنِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ الْبَيْعِ قُطْنٌ وَعِنْدَهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ أَلْفُ رِطْلٍ مِنْ الْقُطْنِ يَقُولُ أَصَبْتُهُ بَعْدَ الْبَيْعِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينِهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
(قَوْلُهُ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَبِيعَ لَا يَخْلُو مِنْ كَوْنِهِ شَيْئًا وَاحِدًا أَوْ شَيْئَيْنِ كَوَاحِدٍ حُكْمًا مِنْ حَيْثُ لَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا بِلَا صَاحِبِهِ كَمِصْرَاعَيْ بَابٍ وَزَوْجَيْ خُفٍّ أَوْ شَيْئَيْنِ بِلَا اتِّحَادٍ حُكْمًا كَثَوْبَيْنِ وَعَبْدَيْنِ.
ثُمَّ الْحَادِثُ فِي الْمَبِيعِ نَوْعَانِ: عَيْبٌ وَاسْتِحْقَاقٌ، وَالْأَحْوَلُ ثَلَاثَةٌ: قَبْلَ الْقَبْضِ، وَبَعْدَهُ، وَبَعْدَ قَبْضِ بَعْضِهِ فَقَطْ. أَمَّا لَوْ وَجَدَ فِي بَعْضِهِ عَيْبًا قَبْلَ قَبْضِ كُلِّهِ وَكَانَ الْعَيْبُ مَوْجُودًا وَقْتَ الْبَيْعِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ الْكُلِّ بِثَمَنِهِ أَوْ رَدِّ كُلِّهِ لَا الْمَعِيبِ وَحْدَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَا لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقْبَلَ الْمَعِيبَ خَاصَّةً إلَّا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى رَدِّ الْمَعِيبِ فَقَطْ وَأَخْذِ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَلَهُمَا ذَلِكَ، إذْ الصَّفْقَةُ لَا تَتِمُّ قَبْلَ الْقَبْضِ بِدَلِيلِ انْفِسَاخِ الْبَيْعِ بِرَدِّهِ بِلَا رِضًا وَلَا قَضَاءٍ؛ وَلَوْ قَبَضَ بَعْضَهُ فَقَطْ فَوَجَدَ فِيهِ أَوْ فِيمَا بَقِيَ عَيْبًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute