للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَفْقَةً وَاحِدَةً (وَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَوَجَدَ) بِهِ أَوْ (بِالْآخَرِ عَيْبًا) لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ (أَخَذَهُمَا أَوْ رَدَّهُمَا، وَلَوْ قَبَضَهُمَا رَدَّ الْمَعِيبَ) بِحِصَّتِهِ سَالِمًا (وَحْدَهُ) لِجَوَازِ التَّفْرِيقِ بَعْدَ التَّمَامِ (كَمَا لَوْ قَبَضَ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا) أَوْ زَوْجَيْ خُفٍّ وَنَحْوَهُ كَزَوْجَيْ ثَوْرٍ أَلِفَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِحَيْثُ لَا يَعْمَلُ بِدُونِهِ (وَوَجَدَ بِبَعْضِهِ عَيْبًا فَإِنَّ لَهُ رَدَّ كُلِّهِ أَوْ أَخْذَهُ)

ــ

[رد المحتار]

فِي كُلِّ مَا مَرَّ، إذْ الصَّفْقَةُ لَا تَتِمُّ بَعْدُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ وَاحِدًا أَوْ أَشْيَاءَ؛ وَلَوْ قَبَضَ كُلَّهُ فَوَجَدَ بِبَعْضِهِ عَيْبًا قَدِيمًا أَوْ حَادِثًا بَيْنَ شِرَائِهِ وَقَبْضِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ وَاحِدًا كَدَارٍ وَكَرْمٍ وَأَرْضٍ وَثَوْبٍ أَوْ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ أَوْ صُبْرَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ شَيْئَيْنِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ حُكْمًا يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ كُلِّهِ وَرَدِّ كُلِّهِ دُونَ رَدِّ بَعْضِهِ فَقَطْ، إذْ فِيهِ زِيَادَةُ عَيْبٍ هُوَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْأَعْيَانِ، وَإِنْ كَانَ شَيْئَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ بِلَا اتِّحَادٍ حُكْمًا كَثِيَابٍ وَعَبِيدٍ أَوْ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا فِي أَوْعِيَةٍ مُخْتَلِفَةٍ فَلِلْمُشْتَرِي الرِّضَا بِهِ بِكُلِّ ثَمَنِهِ أَوْ رَدُّ الْمَعِيبِ فَقَطْ لَا يَرُدُّ كُلَّهُ إلَّا بِتَرَاضِي، وَلَا يَرُدُّ الْمَعِيبَ إلَّا بِرِضًا أَوْ قَضَاءٍ إذْ الصَّفْقَةُ تَمَّتْ فَيَصِحُّ تَفْرِيقُهَا فَيَرُدُّ الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ غَيْرَ مَعِيبٍ، إذْ الْمَبِيعُ الْمَعِيبُ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ سَلِيمًا، وَفِي خِيَارِ شَرْطٍ وَرُؤْيَةٍ لَيْسَ لَهُ رَدُّ بَعْضِهِ فَقَطْ إنْ قَبَضَ الْكُلَّ؛ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ تَمَامَ الصَّفْقَةِ فَهِيَ قَبْلَ تَمَامِهَا لَا تَحْتَمِلُ التَّفْرِيقَ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ يَمْنَعُ تَمَامَ الصَّفْقَةِ؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّ بِلَا قَضَاءٍ وَلَا رِضًا لَوْ قَبَضَ الْكُلَّ وَمَتَى عَجَزَ عَنْ رَدِّ الْبَعْضِ لَزِمَهُ الْكُلُّ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَسَائِلَ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَدْ مَرَّتْ

وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْعَيْبَ قَبْلَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ أَوْ بَعْدَ قَبْضِ الْبَعْضِ فَقَطْ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ وَحْدَهُ بِلَا رِضَا الْبَائِعِ، وَكَذَا لَوْ بَعْدَ قَبْضِ الْكُلِّ إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَدِّدًا غَيْرَ مُتَّحِدٍ حُكْمًا كَثَوْبَيْنِ وَطَعَامٍ فِي وِعَاءَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَبِيعِ الْوَاحِدِ وَهَذَا ظَاهِرٌ لَوْ كَانَ الطَّعَامُ كُلُّهُ بَاقِيًا، فَلَوْ بَاعَ بَعْضَهُ أَوْ أَكَلَ بَعْضَهُ فَقَدَّمْنَا فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ وَيَرْجِعَ بِنُقْصَانِ مَا أَكَلَ لَا مَا بَاعَ، وَمَرَّ بَيَانُهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً) مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ اشْتَرَى لِتَأَوُّلِهِ بِالْمُشْتَقِّ: أَيْ صَافِقًا بِمَعْنَى عَاقِدًا أَوْ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ: أَيْ بِصَفْقَةٍ أَيْ عَقْدٍ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ فَهُوَ مِنْ قِسْمِ مَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ وَاحِدًا وَقَدْ عَلِمْته (قَوْلُهُ وَقَبَضَ أَحَدَهُمَا) وَكَذَا وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهُمَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ رَدَّ الْمَعِيبَ) احْتِرَازٌ عَمَّا فِيهِ خِيَارُ شَرْطٍ أَوْ رُؤْيَةٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ إلَّا مَا إذَا وَجَدَ الْعَيْبَ فِي الْمَقْبُوضِ كَمَا لَا تَخْفَى. اهـ ح

قُلْت: بَلْ هُوَ فِي غَايَةِ الْخَفَاءِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ يَصْدُقُ عَلَى مَا إذَا قَبَضَ السَّلِيمَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِعَيْبِ الْآخَرِ إلَّا بَعْدَ قَبْضِ الْمَقْبُوضِ وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: قَيَّدَ بِتَرَاخِي ظُهُورِ الْعَيْبِ عَنْ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنْ قَبَضَ الْمَعِيبَ مِنْهُمَا لَزِمَاهُ، أَمَّا الْمَعِيبُ فَلِوُجُودِ الرِّضَا بِهِ؛ وَأَمَّا الْآخَرُ فَلِأَنَّهُ لَا عَيْبَ بِهِ، وَلَوْ قَبَضَ السَّلِيمَ مِنْهُمَا أَوْ كَانَا مَعِيبَيْنِ وَقَبَضَ أَحَدُهُمَا لَهُ رَدُّهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلْزَامُ الْبَيْعِ فِي الْمَقْبُوضِ دُونَ الْآمِرِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَا يُمْكِنُ إسْقَاطُ حَقِّهِ فِي غَيْرِ الْمَقْبُوضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَبَضَ إلَخْ) تَشْبِيهٌ بِقَوْلِهِ أَخَذَهُمَا أَوْ رَدَّهُمَا، وَالْأَوْلَى عَدَمُ التَّقْيِيدِ هُنَا بِالْقَبْضِ كَمَا فِي الْكَنْزِ لِيَشْمَلَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ: قَالَ فِي الْبَحْرِ وَمَا وَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنَّمَا هُوَ لِيَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِيَمِيَّاتِ وَالْمِثْلِيَّاتِ. اهـ فَإِنَّ الْقِيَمِيَّاتِ كَعَبْدَيْنِ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ مِنْهُمَا بَعْدَ قَبْضِهِمَا، بِخِلَافِ الْمِثْلِيَّاتِ كَطَعَامٍ فِي وِعَاءٍ، أَمَّا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ فِي الْكُلِّ، لَكِنْ هَذَا الِاعْتِذَارُ لَا يَتَأَتَّى فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ أَتَى بِكَافٍ التَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ مِنْ كُلِّ شَيْئَيْنِ لَا يُنْتَفَعُ بِأَحَدِهِمَا بِدُونِ الْآخَرِ، وَلَهُ أَحْكَامٌ ذَكَرَهَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ لَهُ رَدَّ كُلِّهِ أَوْ أَخْذَهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>