وَلَوْ حُكْمًا كَجُحُودِهِ لَمَّا أَخَذَهُ قَبْلَ أَنْ يُحَوِّلَهُ (بِإِثْبَاتِ يَدٍ مُبْطِلَةٍ) وَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيُّ إثْبَاتَ الْيَدِ فَقَطْ وَالثَّمَرَةَ فِي الزَّوَائِدِ فَثَمَرَةُ بُسْتَانٍ مَغْصُوبٍ لَا تُضْمَنُ عِنْدَنَا خِلَافًا لَهُ دُرَرٌ (فِي مَالٍ) فَلَا يَتَحَقَّقُ فِي مَيْتَةٍ وَحُرٍّ (مُتَقَوِّمٍ)
ــ
[رد المحتار]
إذَا عَلِمْت هَذَا ظَهَرَ سُقُوطُ مَا أَوْرَدَهُ الشَّلَبِيُّ مَعْزِيًّا لِلْخَانِيَّةِ، وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَتَلَ إنْسَانًا فِي مَفَازَةٍ وَتَرَكَ مَالَهُ وَلَمْ يَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ غَصْبًا مَعَ عَدَمِ أَخْذِ شَيْءٍ وَمَا إذَا غَصَبَ عِجْلًا فَاسْتَهْلَكَهُ حَتَّى يَبِسَ لَبَنُ أُمِّهِ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْعِجْلِ وَنُقْصَانَ الْأُمِّ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فِي الْأُمِّ شَيْئًا لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ لَا بِاعْتِبَارِ تَحَقُّقِ الْغَصْبِ بَلْ مِنْ حَيْثُ وُجُودُ التَّعَدِّي، وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْغَصْبُ أَبُو السُّعُودِ. أَقُولُ: الْتِزَامُ هَذَا يُوجِبُ ضَمَانَ الْعَقَارِ وَالزَّوَائِدَ لِوُجُودِ التَّعَدِّي فَلْيُتَأَمَّلْ وَزَادَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ قَوْلِهِ إزَالَةُ يَدٍ مُحِقَّةٍ أَوْ قَصْرُهَا عَنْ مِلْكِهِ كَمَا إذَا اسْتَخْدَمَ عَبْدًا لَيْسَ فِي يَدِ مَالِكِهِ.
قُلْت: يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَشْمَلُ الْعَقَارَ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ إخْرَاجُهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ حُكْمًا) مُبَالَغَةٌ عَلَى قَوْلِهِ إزَالَةُ يَدٍ فَإِنَّ يَدَ الْمُودَعِ يَدُ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ قَبْلَ الْجُحُودِ وَبَعْدَهُ أُزِيلَتْ يَدُ صَاحِبِهَا حُكْمًا، وَلَوْ أَخَّرَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ بِإِثْبَاتِ يَدٍ مُبْطِلَةٍ لَكَانَ أَوْلَى فَإِنَّ ذَلِكَ إثْبَاتُ يَدٍ مُبْطِلَةٍ حُكْمًا فَيَكُونُ رَاجِعًا إلَيْهِمَا ط. وَعَلَى مَا مَرَّ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّعْمِيمِ فَإِنَّهُ تَعَدٍّ لَا غَصْبٍ، لَكِنْ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي ضَمَانِ الْمُودَعِ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدَّيْنِ لَوْ جَحَدَهَا إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا نَقَلَهَا مِنْ مَكَان كَانَتْ فِيهِ حَالَ الْجُحُودِ وَإِلَّا فَلَا، فَلَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الضَّمَانِ فِي الْوَجْهَيْنِ فَلَهُ وَجْهٌ اهـ وَعَلَى الْأَوَّلِ الْإِزَالَةُ حَقِيقِيَّةً تَأَمَّلْ. نَعَمْ نُقِلَ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْمُنْتَقَى الضَّمَانُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ بِإِثْبَاتِ يَدٍ مُبْطِلَةٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ مِسْكِينٌ وَالنِّسْبَةُ بَيْنَ إزَالَةِ الْيَدِ وَإِثْبَاتِهَا بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ الْوَجْهِيِّ، فَيَجْتَمِعَانِ فِي أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ يَدِ مَالِكِهِ بِلَا رِضَاهُ وَيَنْفَرِدُ الْأَوَّلُ فِي تَبْعِيدِ الْمَالِكِ، وَالثَّانِي فِي زَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ أَفَادَهُ أَبُو السُّعُودِ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: الْأَصْلُ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ لَا إثْبَاتُ الْمُبْطِلَةِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ فِي يَدِ إنْسَانٍ دُرَّةٌ فَضَرَبَ عَلَى يَدِهِ فَوَقَعَتْ فِي الْبَحْرِ يَضْمَنُ، وَإِنْ فُقِدَ إثْبَاتُ الْيَدِ وَلَوْ تَلِفَ ثَمَنُ بُسْتَانٍ مَغْصُوبٍ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ وُجِدَ الْإِثْبَاتُ لِعَدَمِ إزَالَةِ الْيَدِ اهـ وَهَذَا مُنْطَبِقٌ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ كَمَا يَأْتِي فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْغَصْبَ هُوَ الْإِزَالَةُ فَقَطْ، وَهُوَ خِلَافُ كَلَامِ غَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِزَالَةِ وَالْإِثْبَاتِ مَعًا لَكِنْ قَالَ بَعْدَهُ: وَذَكَرَ الزَّاهِدِيُّ أَنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ مَا هُوَ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فَيُشْتَرَطُ لَهُ إزَالَةُ الْيَدِ وَمَا هُوَ مُوجِبٌ لِلرَّدِّ فَيُشْتَرَطُ لَهُ إثْبَاتُ الْيَدِ اهـ أَيْ كَغَصْبِ الْعَقَارِ فَإِنَّهُ مُوجِبٌ لِلرَّدِّ دُونَ الضَّمَانِ عِنْدَهُمَا قَالَ أَبُو السُّعُودِ وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ فِي كَلَامِهِمْ اهـ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيُّ إثْبَاتَ الْيَدِ فَقَطْ) وَاعْتَبَرَ مُحَمَّدٌ إزَالَةَ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ فِي غَصْبِ الْمَنْقُولِ وَفِي غَيْرِهِ يُقِيمُ الِاسْتِيلَاءَ مَقَامَ الْإِزَالَةِ كَمَا حَقَّقَهُ فِي النِّهَايَةِ وَلِذَا ضَمِنَ الْعَقَارَ وَإِنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ فِيهِ الْإِزَالَةُ
(قَوْلُهُ وَالثَّمَرَةَ إلَخْ) أَيْ ثَمَرَةَ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي زَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ (قَوْلُهُ لَا تُضْمَنُ عِنْدَنَا) أَيْ بِالْهَلَاكِ مُتَّصِلَةٌ أَوْ مُنْفَصِلَةٌ لِعَدَمِ إزَالَةِ الْيَدِ مَا لَمْ يَمْنَعْهَا الطَّلَبُ فَتُضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ غَايَةُ الْبَيَانِ. قُلْت: وَسَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ مَتْنًا أَنَّهَا تُضْمَنُ بِالتَّعَدِّي أَيْضًا وَشَرْحًا لَوْ طَلَبَ الْمُتَّصِلَةَ لَا يَضْمَنُ (قَوْلُهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ فِي مَيْتَةٍ وَحُرٍّ) وَكَذَا فِي كَفٍّ مِنْ تُرَابٍ وَقَطْرَةِ مَاءٍ وَمَنْفَعَةٍ، فَلَوْ مَنَعَ صَاحِبُ الْمَاشِيَةِ مِنْ نَفْعِهَا فَهَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْ قُهُسْتَانِيٌّ عَنْ النِّهَايَةِ. قَالَ الرَّحْمَتِيُّ: وَالْمُرَادُ بِالْمَيْتَةِ أَيْ حَتْفَ أَنْفِهَا مِنْ غَيْرِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ أَمَّا الْمُنْخَنِقَةُ وَمَا فِي حُكْمِهَا فَهِيَ مِنْ الثَّانِي وَهُوَ غَيْرُ الْمُتَقَوِّمِ، وَأَمَّا السَّمَكُ وَالْجَرَادُ فَهُوَ مَالٌ يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْغَصْبُ اهـ (قَوْله مُتَقَوِّمٌ) هُوَ بِكَسْرِ الْوَاوِ حَيْثُ وَرَدَ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ، وَلَا يَصِحُّ الْفَتْحُ عَلَى أَنْ يَكُونَ اسْمَ مَفْعُولٍ، فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ تَقَوَّمَ وَهُوَ قَاصِرٌ وَاسْمُ الْمَفْعُولِ لَا يُبْنَى إلَّا مِنْ مُتَعَدٍّ رَحْمَتِيٌّ عَنْ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلدَّمِيرِيِ وَفَسَّرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ بِمُبَاحِ الِانْتِفَاعِ شَرْعًا قَالَ: وَهُوَ احْتِرَازٌ عَنْ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمَعَازِفِ عِنْدَهُمَا اهـ وَكَأَنَّهُ لَمْ يُفَسِّرْهُ بِمَا لَهُ قِيمَةٌ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ مَالٍ لَكِنْ يَخْرُجُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute