بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» (وَإِذَا تَرَكَ) الْمُعْتَقُ (أَبٌ مَوْلَاهُ وَابْنَ مَوْلَاهُ فَالْكُلُّ لِلِابْنِ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لِلْأَبِ السُّدُسُ (أَوْ) تَرَكَ (جَدَّهُ) أَيْ جَدَّ مَوْلَاهُ (وَأَخَاهُ فَهُوَ لِلْجَدِّ) عَلَى التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ (وَقَالَا بَيْنَهُمَا) كَالْمِيرَاثِ وَلَيْسَ هُنَا عَصَبَةٌ بِغَيْرِهِ وَلَا مَعَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ» الْحَدِيثَ
ــ
[رد المحتار]
ابْنُ الْمُعْتِقِ ثُمَّ ابْنُهُ، وَإِنْ سَفَلَ، ثُمَّ أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ، وَإِنْ عَلَا إلَخْ ثُمَّ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِ الْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ وَهَكَذَا ابْنُ كَمَالٍ [تَنْبِيهٌ] ابْنٌ وَبِنْتٌ اشْتَرَيَا أَبِيهِمَا فَاشْتَرَى الْأَبُ عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ فَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ عَنْ الِابْنِ وَالْبِنْتِ فَالْكُلُّ لِلِابْنِ لِأَنَّ عَصَبَةَ الْمُعْتِقِ النَّسَبِيَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْبِنْتِ لِأَنَّهَا عَصَبَةٌ سَبَبِيَّةٌ سَائِحَانِيٌّ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَتْ أَبَاهَا فَعَتَقَ عَلَيْهَا وَمَاتَ عَنْهَا وَعَنْ بِنْتٍ أُخْرَى وَتَرَكَ مَالًا فَثُلُثَاهُ لَهُمَا فَرْضًا وَالْبَاقِي لِلْأُولَى تَعْصِيبًا (قَوْلُهُ: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ» ) أَيْ وُصْلَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ، أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي التَّهْذِيبِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ السَّيِّدُ: وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَيَاةٌ لِلْإِنْسَانِ إذْ بِهَا تَثْبُتُ صِفَةُ الْمَالِكِيَّةِ الَّتِي امْتَازَ بِهَا عَنْ سَائِرِ مَا عَدَاهُ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ وَالرِّقِّيَّةُ تَلَفٌ وَهَلَاكٌ فَالْمُعْتِقُ سَبَبٌ لِإِحْيَاءِ الْمُعْتَقِ، كَمَا أَنَّ الْأَبَ سَبَبٌ لِإِيجَادِ الْوَلَدِ وَكَمَا أَنَّ الْوَلَدَ مَنْسُوبٌ إلَى أَبِيهِ بِالنَّسَبِ، وَإِلَى أَقْرِبَائِهِ بِتَبَعِيَّتِهِ، كَذَلِكَ الْمُعْتَقُ يُنْسَبُ بِالْوَلَاءِ يَعْنِي إلَى الْمُعْتِقِ، وَإِلَى أَقْرِبَائِهِ بِتَبَعِيَّتِهِ فَكَمَا يَثْبُتُ الْإِرْثُ بِالنَّسَبِ كَذَلِكَ يَثْبُتُ بِالْوَلَاءِ اهـ.
وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى مُجَرَّدِ أَنَّ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ مِنْ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ أَوْ عَصَبَتِهِ فَهُوَ وَارِثٌ دُونَ أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِ الْإِرْثِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا فِي النَّسَبِ نَحْوُ إرْثِ الْأَبِ ابْنَهُ، وَبِالْعَكْسِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَيُشْعِرُ بِأَنَّ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ عَصَبَةٌ لِتَضَمُّنِهِ تَشْبِيهَهُ بِالْأَبِ مِنْ حَيْثُ هُوَ أَبٌ وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ آخِرُ الْعَصَبَاتِ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَنْبَلِيِّ، فَالْأَوْلَى زِيَادَةُ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمِيرَاثُ لِلْعَصَبَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَصَبَةٌ فَلِلْمَوْلَى» رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا تَرَكَ الْمُعْتَقُ) بِفَتْحِ تَاءِ الْمُعْتَقِ اسْمُ مَفْعُولٍ (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لِلْأَبِ السُّدُسُ) هُوَ قَوْلُهُ الْأَخِيرُ، وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ كَقَوْلِهِمَا وَجْهُ قَوْلِهِ الْأَخِيرِ أَنَّ الْوَلَاءَ كُلَّهُ أَثَرُ الْمِلْكِ فَيَلْحَقُ بِحَقِيقَةِ الْمِلْكِ، وَلَوْ تَرَكَ الْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ مَالًا وَتَرَكَ أَبًا وَابْنًا كَانَ لِأَبِيهِ سُدُسُ مَالِهِ وَالْبَاقِي لِابْنِهِ فَكَذَا إذَا تَرَكَ وَلَاءً وَالْجَوَابُ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ أَثَرًا لِلْمِلْكِ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا لَهُ حُكْمُ الْمَالِ كَالْقِصَاصِ الَّذِي يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِالْمَالِ، بِخِلَافِ الْوَلَاءِ فَلَا تَجْرِي فِيهِ سِهَامُ الْوَرَثَةِ بِالْفَرْضِيَّةِ كَمَا فِي الْمَالِ، بَلْ هُوَ سَبَبٌ يُورَثُ بِهِ بِطَرِيقِ الْعُصُوبَةِ، فَيُعْتَبَرُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَالِابْنُ أَقْرَبُ الْعَصَبَاتِ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: عَلَى التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْعَصَبَاتِ النَّسَبِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هُنَا إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِنَفْسِهِ.
مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ «لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ» .
(قَوْلُهُ: الْحَدِيثَ) لَفْظُهُ كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ «لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ كَاتَبْنَ أَوْ كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَ أَوْ دَبَّرْنَ أَوْ دَبَّرَ مَنْ دَبَّرْنَ أَوْ جَرَّ وَلَاءً مُعْتَقُهُنَّ أَوْ مُعْتَقُ مُعْتَقِهِنَّ» وَمَعْنَاهُ: لَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ شَيْءٌ إلَّا وَلَاءُ مَا أَيْ الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقْنَهُ، أَوْ وَلَاءُ مَا أَيْ الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَهُ مَنْ أَعْتَقْنَهُ، أَوْ وَلَاءُ مَا أَيْ الْعَبْدِ الَّذِي كَاتَبْنَهُ، أَوْ وَلَاءُ مَا كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَهُ أَوْ وَلَاءُ مَا دَبَّرْنَهُ أَوْ وَلَاءُ مَا دَبَّرَهُ مَنْ دَبَّرْنَهُ أَوْ جَرَّ وَلَاءُ مُعْتَقِهِنَّ، أَوْ الْوَلَاءُ الَّذِي هُوَ مَجْرُورُ مُعْتَقِ مُعْتَقِهِنَّ وَحَذَفَ مِنْ كُلِّ نَظِيرٍ مَا أَثْبَتَهُ مِنْ الْآخَرِ: أَيْ لَيْسَ لَهُنَّ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا وَلَاءُ مَا أَعْتَقْنَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute