ينقسم التوحيد الذي نزلت به كتب الله – جل وعلا – ودعا إليه رسله الكرام – عليهم صلوات الله وسلامه – إلى قسمين:
الأول: توحيد في القصد والطلب، والإرادة والعمل، وهو المعروف بـ "توحيد الألوهية"، "توحيد العبادة" ويقوم هذا القسم من التوحيد على ركنين، وأساسين متينين:
أ) أن لا يعبد إلا الله – تبارك وتعالى –.
ب) أن تكون عبادته بما شرع، لا بالأهواء والبدع.
وهذان الأصلان هما تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وبهما يحصل ترجمانها، فالشق الأول من الشهادة يدل على إفراد الله بالعبادة، فالإله معناه: المعبود، ومعنى لا إله إلا الله: لا معبود بحقٍ سواه (١) .
والشطر الثاني من الشهادة يدل على وجوب متابعة النبي – صلى الله عليه وسلم – والالتزام بشرعه.
وقد جمع الله العظيم هذين الأصلين في كثير من آي القرآن الحكيم، فقال – جل وعلا {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} الكهف ١١٠، وقال – جل وعلا – رداً على اليهود والنصارى حين زعم كل منهم أن الجنة خاصة بهم، ولن يدخلها غيرهم:{بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} البقرة١١٢وقال – عز وجل - {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} النساء١٢٥.
(١) ألف الإمام الزركشي كتاباً حافلاً في معنى "لا إله إلا الله" طبع في مصر ١٩٨٢م بتحقيق على محي الدين القره داغي، بلغت صفحات الكتاب مع التحقيق والتعليق قرابة مائتي صفحة، وقرر في (٨٠-٨١) أن الخبر مقدر، وتقديره بحق أحسن ما يقال في ذلك، لتكون الكلمة جامعة لثبوت ما لا يستحيل نفيه، ونفي ما يستحيل ثبوته.