تقدم الكلام عن بيان أقسام توحيد ذي الجلال والإكرام، أن توحيد العبادة يقوم على ركنين ركنين، ويشيد بناءه على دعامتين متينتين، وهما: إفراد الله - جل وعلا - بالعبادة، وإفراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمتابعة، لتكون عبادته - جل جلاله - بما شرع بالأهواء والبدع إياك أريد، بما تريد، وهذا هو مدلول كلمة التوحيد، لا إله إلا الله، محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن أجله أوجد الله العبيد.
وقد تقدم البيان - أيضاً - أن الكلام في هذا النوع من توحيد ربنا الرحمن هو من باب الإنشاء فهو توحيد في القصد والطلب، في الإرادة والعمل، ولذلك ينحصر موقف المكلف نحوه في أمرين لا ثالث لهما، وهما: الامتثال مع الحب، أو الإعراض مع البغض.
وكنت أشرت فيما سبق أن أكثر الناس في القديم والحديث، أعرضوا عن هذا النوع من التوحيد وعكفوا على عبادة الطواغيت، ولما كان الأمر كذلك، سأستعرض من توحيد العبادة بعض النماذج ليحذر المهتدي من المهالك، ويفوز برضوان الرب المالك.