هو أشرف مباحث علم التوحيد وأجلها وهو العَلَم الفارق بين أهل السنة وبين سائر فرق المبتدعة فالمؤمن السني الموحد يقول: الله فوق عرشه على سمواته بائن من خلقه، والمبتدع عندما تقول له أين الله؟، يقول لك كيف تقول أين؟ الله لا يُقال عنه أين، الله لا فوق ولا تحت ولا شمال ولا يمين ولا أمام ولا وراء ولا داخل العالم ولا خارجه، لا جوهر ولا عرض، قل له، يا مسكين هذا ليس حي قيوم بل هو إله معدوم، وهذا كمن يزعم أن في بيته نخلةٍ ثم تسأله عن أوصافها، فيقول لك لا أوصاف لها فقل له إذن هذه نخلة في ذهنك لذلك حقيقة قول المعطلة تقضي إلى أن الله عدم لذلك قال أئمتنا: المعطل يعبد عدماً والممثل يعبد صنماً وهذه المسألة سأقرر أدلتها المتنوعة وهي خمسة:
دل على أن الله فوق عباده على عرشه سبحانه وتعالى، من أوجه كثيرة أحاول أن أوجزها وأن أجمعها في سبعة أوجه:
الوجه الأول: تصريح آيات القرآن بأن ربنا الرحمن فوق عباده ومخلوقاته (فوق) قال الله جل وعلا: (يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون) في حق الملائكة. وقال جل وعلا:(وهو القاهر فوق عباده) . وهذا الدليل في منتهى الظهور والوضوح، وهذه الفوقية شاملة لفوقية الذات ويلزم منها فوقية القَدْر المنزلة والرتبة والمكانة فذاته عالية فوقنا ومنزلته ورتبته أيضاً فوقاً فله الفوقية من جميع الاعتبارات.
... وقبل الانتقال إلى الدليل الثاني سأذكر تأويل المبتدعة للفوقية وندحضه إن شاء الله ثم نذهب إلى الوجه الثاني من أدلة القرآن، وقبل أن أذكر الوجوه دائماً إذا مررت على شبهة فندتها حتى لا نفرد الشبهة في مبحث مستقل.