للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولذلك قال أئمتنا، وهذا الكلام انقشوه في صدوركم: "الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد (١) وإنكار الأسباب أن تكون أسباباً قدح في الشرع والحكمة (٢) ، والإعراض عن الأسباب قدح في العقل (٣) وتنزيل الأسباب منازلها ومرافقة بعضها ببعض (٤) محض العبودية لرب البرية".

إذن أربعة أحوال: قال الله لمريم (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً) فلابد من سبب (هزي) لكن الذي سخر سقوط التمر هو الله، فهي ضعيفة (نفساء ثم هل هزها سيحرك النخلة؟!، لكن هذا هو بذل السبب وهذا هو جهدها، ولذلك قال بعض الظرفاء الأكياس:

ألم تر أن الله قال لمريم ... فهزي الجذع يساقط الرطب

ولو شاء أدنى الجذع من غير هزها ... إليها ولكن كل شيء له سبب


(١) أي تلتفت إلى السبب وتجعله الموجد والخالق والرازق أي لولا هذا السبب لما حصل لك هذا الأمر فهذا شرك فلا يجوز أن تقوله لولا الباب الذي على بيته لدخل اللصوص وأخذوا متاعي، لكن قل: لولا أن الله قدر لي أن أجعل الباب لدخل اللصوص، لا حرج في مثل هذا القول.
(٢) أي بأن يقول: ما قدر لي سيأتيني وأنا سأجلس على فراشي، والسبب لا قيمة له وأنا أنكر هذا، فهذا عاص ٍ لأنه مأمور بالسعي (فامشوا في مناكبها) .
(٣) أي يثبت أن للأسباب أثراً لكنه يعرض عنه ويقول أنا متوكل على الله.
(٤) أي هذا أخذه بالأسباب ودافع بعضها ببعض، فدفع الذنب بالتوبة، والجوع بالأكل وهكذا ...