للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو قال إنسان عندي سكين أَحدُ من الخشبة لاتهمناه بالخرف لأنه لا مفاضلة بينهما بل إن المفاضلة بينهما عين الذم. وهذا كما لو قال شخص الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل من اليهود وأبي جهل، فهذا ذم له صلى الله عليه وسلم لأنه لا فضيلة فيهم بل لا قيمة لهم حتى تفاضل بينهما، لكن لو قلت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أفضل النبيين لكان كلامك وجيهاً وفي محله.

إذن فكيف ستفاضل بين الخالق والمخلوق وقد تقدم معنا أن أخص وصف في المخلوق الفقر وأخص وصف في الخالق الغنى فأين فضل الفقير حتى تفاضل بينه وبين الغنى؟!! وكيف ستسووا بينهما؟!! لكننا نقول (وهو القاهر فوق عباده) أي هو فوق عرشه على سمواته، فيدخل العلو الذاتي والمعنوي (المنزلة) لا علو المنزلة فقط كما يزعمون.

إذن فلا تُعقد المفاضلة إلا بين موصوفين يشتركان في فضائل ويزيد أحدهما على الآخر وإذا كانت المفاضلة بين السيف والعصا ذم للسيف فكيف بعقد مفاضلة بين الفاني والباقي.

ألم تر أن السيف ينقص قدره ... إذا قيل السيف أمضى من العصا

فإن قيل (اعتراض) : جاءت نصوص في التنزيل فيها تفضيل الخالق على المخلوق وهذا خلاف ما تقولونه قال الله تعالى في سورة يوسف مخبراً عن نبيه يوسف لما قال لصاحبه في السجن (أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) فهذا فيه عقد مفاضلة بين أوثان وبين الله، وقال تعالى (آلله (١) خير أما تشركون) .

... وهكذا قول السحرة في سورة طه (والله خير وأبقى) ، ففي هذه الآيات عقد مفاضلة فكيف تقولون لا تجوز المفاضلة بين الخالق والمخلوق؟


(١) هذا مد كلمي مثقل، والتعبير صحيح عنه أن يقال مد فرق، ويمد ست حركات باتفاق القراء.