للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه السادس: تصريح الله جل وعلا بأنه في السموات في آيات كثيرة متواترة غراء: (أأمنتم من في السماء (١)) .

... علماء الكلام أصحاب الثرثرة والهذيان أكثروا اللغظ والشغب والخصام حول هذا الدليل من القرآن فقالوا: الآية لا تدل على علو الله وفوقيته، لأنه ليس المراد من كون الله في السماء وذاته في العلو بل المراد سلطانه وقهره.

... وهذا التأويل أبرد من الثلج كتأويل الضالين السابقين في الفوقية، لأنه إن كان هو السلطان في السماء فمن إذن السلطان في الأرض؟!!.

... السلطان هو الله في السماء والأرض لا راد لحكمه ولا معقب لقضائه، لذلك يقول الله جل وعلا (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) أي بسلطان منه وتمكين وقوة وقدرة إذا أمدكم بذلك فيمكنكم لكن هو جعلكم ضعفاء وعاجزين لا يخرج أحد منكم من سلطانه سبحانه وتعالى.


(١) كلمة (السماء) تحتمل معنيين على كل احتمال يتضح لنا معنى في، فقيل: المراد من السماء العلو المطلق، فكل ما علاك فهو سماك وليس المراد السموات الاصطلاحية، فتكون (في) ظرفية على حقيقتها، أي أأمنتم من في العلو، إذن فكل ما علاك فهو سماك قال تعالى (من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ) فالمراد بالسماء هنا سقف البيت أي من كان يظن أن الله لن ينصر رسوله صلى الله عليه وسلم وأن الله لن يعلي شأنه فسيعلي شأنه وإذا انغاظ هذا فليمدد حبلاً إلى السقف ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ، وهذا من أساليب اللغة.، وقيل: المراد من السماء الأجرام السمواية المعروفة وهي السبعة ويكون معنى (في) : علا، أي أأمنتم من على السماء أي من فوق السموات لأن الله ليس بداخل السموات، وهذا كقوله تعالى (فسيحوا في الأرض) ، وقوله (لأصلبنكم في جذوع النخل) أي على جذوع النخل، حروف الجر تتناوب كما قال أئمتنا.