ولذلك ثبت في صحيح البخاري عن سعيد بن جبير رحمه الله – تلميذ العبد الصالح عبد الله بن عباس رضي الله عنهما – [أنه سئل عن تفسير الكوثر فقال هو الخير الكثير الذي أعطاه الله لنبيه عليه الصلاة والسلام في الدنيا والآخرة، فقالوا له: يقولون إنه نهر في الجنة؟، فقال سعيد بن جبير: النهر الذي في الجنة من الخير الكثير الذي أعطاه الله لنبيه عليه الصلاة والسلام] . وهذا التفسير أعم وأشمل وأحسن من أن نقصر الكوثر على خصوص النهر فنقول: الكوثر خير كثير في الدنيا والآخرة وهبة من الله لنبيه عليه الصلاة والسلام ٠ من جملة ذلك الحوض، ونهر الكوثر والشفاعات والمقام المحمود ورتب كثيرة في الدنيا والآخرة مَنَّ الله بها على نبيه عليه صلوات الله وسلامه.
... وإذا مَنَّ الله عليك بالنعم فالواجب أن تشكر المُنعِم (فصلِّ لربك وانحر) أي اجعل صلاتك خالصة له، ونحرك خالصاً له – أي ذبحك – فيكون على اسم الله خالصاً له لا تشرك معه أحداً (إن شانئك) أي مبغضك (هو الأبتر) ، فالنعم تستدعي الشكر.
... ولذلك إخوتي الكرام ... ربطاً بحادثة الإسراء والمعراج – كان نبينا عليه الصلاة والسلام – كما ثبت هذا في المسند والسنن بسند حسن – [لا ينام حتى يقرأ بني إسرائيل والزمر] وما رأيت أحداً من أئمتنا وَجَّه الحكمة في ذلك؟ ويمكن استنباطها مما سبق تقريره في سورة الكوثر.