وإذا عمل معصية أو أصابه سوء فيعلم أن هذا وقع بسبب خذلان الله له وهذا الخذلان وضعه الله في موضعه بسبب تقصير الإنسان أو فساده أو جُُرْمهِ فيدعوه هذا إلى الإقلاع عن ذنبه والتوبة إلى ربه ليقدر الله له الخير وييسره عليه، لأن الله أخبرنا أن العبد عندما يضل يزده الله ضلالاً (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) سورة الصف/ آية٥، (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون) سورة الأنعام ١١٠.
[فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه] فليتب إلى ربه وليسأله إصلاح قلبه فبيده قلوب العباد فهو على كل شيء قدير، إذن إذا عمل طاعة يقول بفضل الله وإذا عمل معصية يقول بعدل الله، ولهذا كان أساس كل خير أن يعلم العبد أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
الأدلة من القرآن على هذا القسم من الإرادة:
١- قال الله جل وعلا (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء) ، فالمراد من قوله (فمن يرد الله أن يهديه– يرد أن يضله) إرادة كونية قدرية لا يختلف مقتضاها، فمن أراد الله هدايته كوناً وقدراً فسيهتدي ولا بد ومن أراد إضلاله كوناً وقدراً سيفعل ولابد، وهو الحكيم سبحانه يضع الأمور في مواضعها.
٢- وقال جل وعلا في سورة البقرة آية ٢٥٣ (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض، منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم ومن كفر، ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد) فقوله (ولو شاء الله ما اقتتل ... ) المراد منه مشيئة كونية قدرية لا يتخلف مقتضاها والآيات في هذا كثيرة.