وقال مسلم بن يسار: احذروا معبداً فإنه ضال مضل، إنه يقول بقول النصارى، وهكذا قال الحسن البصري.
... ولما ظهرت مقالة معبد هذه أخذه الحجاج – بأمر من عبد الله بن مروان – فقطع يديه ورجليه ثم صلبه وحرّقه بالنار، وهذه من حسنات الحجاج لكنها مغمورة في بحر سيئاته كما تقدم معنا.
وأول حديث في صحيح مسلم في كتاب الإيمان يتعرض لذكر معبد الجهنمي وضلاله، فعن يحيى بن يَعْمُر (ويصح: ابن يَعْمَد) قال: كان أول من قال بالقدر في البصرة معبد الجهنمي، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن حاجين أو معتمرين، فقلنا لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عمَّا يقول هؤلاء في القدرى، فَوُفِّق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلاً المسجد فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي، فقلت: أبا عبد الرحمن، إنه قد ظهر قِبَلَنا أناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم (١)
(١) أي يتتبعون غوامضه ويبحثون عن خفيه بعد أن أحكموا ظاهره وواضحه وجليله [وذكر من شأنهم] أي عن عبادتهم واجتهادهم في طاعة الله لأنهن كانوا في البصرة وأهل البصرة ظهر فيهم النسك والتقشف والزهد في أول الأمر كما ظهر في الكوفة الفقه والاستنباط والاجتهاد ولذلك كان أئمتنا إذا أرادوا أن يخبروا عن تنسك إنسان يقولون عبادته عبادة بَصْرية وإذا أرادوا أن يخبروا عن فقهه وسعة نظره واستنباطه واجتهاده قالوا فقهه فقه كوفي وأول من بنى دويريه للعبادة الزهاد في البصرة هو عبد الواحد بن زيد عليهم جميعاً رحمة الله..