.. ذكر الإمام الرازي في تفسيره في (١٣/٩٣) في تفسير سورة الأنعام، عند قوله تعالى (إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلك الله فأنى تؤفكون) يقول ما حاصله كان بعض الملوك الجبارين يتفنن في تعذيب المسلمين المساكين، فأتى مرة بشيخ صالح فأراد أن يعذبه بنوع من أنواع العذاب وهو أن يسقيه الأفيون (المخدر) فأسقاه ذلك لأجل أن يموت بسبب فقدان الحرارة الغريزية، ثم وضعه في بيت مظلم تحت الأرض يقال له سرداب وقبو وملجأ، ثم بعد فترة جاء الملك ليتفقد هذا الشيخ هل مات أم لا؟ وكان يظن أنه مات لكنه أراد أن يتأكد فلما جاءه وجده حياً فاستغرب الملك وحار في أمره، فقال له: ما شأنك؟ فأخبره الشيخ: أنه لما وضعتني في هذا السرداب جاءني ثعبان عظيم فلدغني، فبهذا حييت، ثم كف هذا الملك عن الظلم بعد ذلك، فقيل للملك كيف هذا؟ فقال: إن الأفيون يفقد الحرارة الغريزية فيقتل بقوة برده، بعكس السم فإنه يزيد الحرارة الغريزية ويقتل بقوة حره، والجسم لابد من توازن الحرارة والبرودة فيه، فتوازنت الحرارة في جسم الشيخ وما تأثر بلدغ الحية مع أنها شر لكنه فيها خير، فالله سبحانه لا يخلق شراً محضاً، وإذا قدرته فلما ينتج عنه من حكم.
٣- الإيضاح الثالث: كيف يرضى الله لعبده شيئاً ولا يعينه عليه؟
فالله جل وعلا رضي لنا الإيمان والطاعة، لكن لم يعن العباد جميعاً على ذلك، بل أعان قسماً منهم وهم الموحدون، وخذل قسماً منهم فلم يعنهم، فكيف يرضى الله لعباده شيئاً ولا يعينهم عليه؟!.
نقول: لا إشكال في ذلك مطلقاً، لأنه لو أعانه على ما رضيه لهم لترتب على هذا محذوران أو أحد محذورين:
المحذور الأول: قد تستلزم إعانة الله جل وعلا لعباده على ما رضيه لهم وأحبه قد تستلزم فوات محبوب لله هو أعظم من حصول تلك الطاعة التي رضيها لعباده وأحبها لهم.