للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

.. وثبت في صحيح البخاري وصحيح ابن خزيمة – وهذا حديث يقرر إرسال الرسل إلى المخلوقين من أجل إقامة الحجة عليهم – عن عديّ بن حاتم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [وليلقين أحدكم ربه فيقول الله له: ألم أرسل إليك رسولاً فيبلّغْكَ؟ فيقول: بلى] أي بلى أرسلت إليّ رسولاً بلغني وثبتت الحجة عليّ.

٢- الميثاق الثاني: إشهاد العباد على أنفسهم في عالم الذر عندما أخرجهم من صلب آبائهم وصوّرهم وكلمهم قُبُلاً وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى.

وقد وقع هذا في عالم الذر للأرواح والأبدان فاستخرج الله الصور والأبدان من المواد التي ستخلق منها بكيفية يعلمها الله ولا نعلمها، ثم بعد أن استنطقهم وأشهدهم أعادهم إلى تلك المواد التي سيُخرجون منها بعد ذلك والله على كل شيء قدير، ولم يكن الخلق للروح فقط، ولا للبدن فقط – بل كما قلنا – للأرواح والأبدان خلقها الله وبثها بين يده وكلمنا قبلا ً.

هذا الميثاق وردت آية من القرآن تدل عليه، وحديثان مرفوعان إلى نبينا عليه الصلاة والسلام يقررانه، وآثر موقوف صحيح، كما سأورد أحاديث تشهد لمعناه – وهي كثيرة – ولكن ليس فيها التصريح بأن الله أخرج الذرية من صلب آدم في ذلك الوقت.

أما الآية ... فهي في سورة الأعراف وتقدم ذكرها، يقول الله جل وعلا: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم (١) ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى (شهدنا (أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون) .


(١) قال (من ظهورهم) ولم يقل (من ظهره) لأن هذه الفروع مأخوذه من ذلك الأصل فهم أخرجهم الله من ظهر آدم ثم هذه الفروع أيضاً أخرها من بعضها، إذن أخرج الأحفاد من الآباء، والآباء من الأجداد، وكل من سيولد من أب بعد ذلك سيكون ممن أخرج من ظهره.