للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

.. فهو ما رواه الإمام أحمد في المسند أيضاً، والحاكم في المستدرك (٢/٣٢٤) وقال إسناده صحيح وأقره الذهبي، والحديث رواه أصحاب التفاسير الثلاثة المتقدمة أيضاً: ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مَرْدُوْيَهْ – فهؤلاء الخمسة رووا الحديث الأول المرفوع عن ابن عباس، ورووا هذا الأثر أيضاً – عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال في قول الله جل وعلا: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم....) الآية. قال فيها: [جمعهم فجعلهم أرواحاً ثم صورهم فاستنطقهم فتكلموا ثم أخذ عليهم العهد والميثاق وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟ قال (١) : فإني أُشهد عليكم السموات السبع والأراضين السبع وأشهد عليكم أباكم آدم – عليه السلام – أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم بذلك، اعلموا أنه لا إله غيري ولا رب غيري فلا تشركوا بي شيئاً، إني سأرسل لكم رسلي (٢) يذكرونكم عهدي وميثاقي، وأُنزل عليكم كتبي، قالوا: شهدنا (٣) بأنك ربنا وإلهنا لا رب غيرك فأقَرّوا بذلك] .

وهذا الإيجاد الذي حصل لهم في عالم الذر أخبرنا به من لا ينطق عن الهوى عليه صلوات الله وسلامه فنؤمن به دون البحث في كيفيته إذ هو من باب الإيمان بالغيب.

فإن قيل: إن العلم بهذا الميثاق الذي أخذ علينا في عالم الذر غير معلوم لنا، فما فائدته؟

فنقول: تحصل لنا فائدتان:


(١) أي قال الله هذا بعد أن قالت الذرية بلى، ولم يذكر أبي جواب الذرية لأنه معلوم وقد ذكر في القرآن الكريم.
(٢) هذا هو الميثاق الأخير والذي تدارسناه أول شيء، لأنه أهمها.
(٣) فكلمة شهدنا هنا إذن من كلام ذرية بين آدم وقلت لكم الآية تحتمل الأمرين ونجمع بينهما بأنهم قالوا شهدنا فقال الله وملائكته شهدنا على شهادتكم فحذار حذار من إهمالها ونسيانها، والله أعلم.