للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣- روى الإمام الترمذي في سننه والحاكم في مستدركه وابن حبان في صحيحه والبهيقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط كُلُّ نسمة من ظهره كائنة إلى يوم القيامة وجعل جل وعلا بين عيني كل إنسان وبيصاً من نور (١) ثم عرضهم على آدم عليه السلام فقال من هؤلاء يا رب؟ قال: هؤلاء ذريتك إلى قيام الساعة، فرأى فيهم إنساناً أعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أَيْ رَبِّ، من هذا؟ قال: هذا ابنك داود، قال كم عمره؟ فقال الله له: ستون عاماً، قال: زده يا رب أربعين، فقال الله جل وعلا: لا أزيده إلا أن تزيده من عمرك (٢) ، فقال: قبلت يا رب أعطه من عمري أربعين سنة، فلما جاء ملك الموت إلى آدم قبل الألف بأربعين سنة ليقبض روحه، قال له آدم: بقي من عمري أربعون سنة، فقال له ملك الموت إنك وهبتها لابنك داود، فقال ما وهبته شيئاً ما وهبته شيئاً، فذهب وعاد إلى ربه وأخبره بذلك فأمر الله ملك الموت أن يزيد في عمر آدم أربعين سنة، وأن لا ينقص هذه الأربعين من عمر داود، يقول نبينا عليه الصلاة والسلام بعد ذلك: فنسي آدم فنسيت ذريته، وجحد آدم فجحدت ذريته وخَطئ آدم فخطئت ذريته] وإسناده صحيح، ارتكب الخطيئة وذريته تخطئ، نسي ولم نجد له عزماً وذريته تنسى.

فإن نسيت عهوداً منك سالفة ... فاغفر فأول ناس ٍ أول الناسجج

ولعل جحود آدم – والعلم عند الله – سببه نسيان ولا يستبعد أنه بعد أن مر عليه تسعمائة وستون سنة أن ينسى العهد الذي أعطاه على نفسه، أو أن هذا الجحود من باب التدلل على الرب المعبود جل وعلا أي كأنه يقول: يا رب ينقص من ملكك إن تركت الأربعين لي كما كانت وزدت عبدك وداود أربعين من فضلك فحقق الله الأمرين.


(١) أي شيئاً من نور وضوءاً من نور.
(٢) وكان عمر آدم الذي قدره الله ألف سنة، وتقدم معنا أن الأنبياء لا يقبضون إلا بعد أن يخيروا.