ج- ويكفي دليلاً على الفطرة ما ثبت في الصحيحين [أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للجارية أين الله، فقالت في السماء.....] الحديث. وأما النوع الثاني من الدليل السلفي الشرعي فهو الفطرة المستقيمة، فإن في النفس فطرة توجب عليه الإيمان بأن الله ربنا وخالقنا ورازقنا ومدبرنا فهي فطرة توصل إلى التوحيد لو لم تغير.
... ولذلك عندما جلس أبو المعالي إمام الحرمين غفر الله له ورحمه وقد رجع عن هوسه وهذيانه جلس يقرر نفي علو الله على مخلوقاته فقال: كان الله ولا مكان ولا زمان وهو الآن على ما عليه كان أي ليس فوق عرشه على سمواته، فقام الإمام الهمذاني وقال: يا إمام دعنا من العرش والزمان والمكان وأخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في أنفسنا ما قال أحد يا رب يا الله إلا طلب المعونة فمن فوقه، فبماذا نؤول هذا الشعور الذي في داخل نفوسنا، فلطم إمام الحرمين رأسه وقال حيرني الهمذاني حيرني الهمذاني.
... أي حيره في الجواب، لأن الأدلة الكلامية يمكن التلاعب بها والتصرف فيها وتأويلها لكن هذه الضرورة في النفس ماذا سيقول عنها؟ وبماذا سيفسر هذا الالتجاء من الإنسان حيث يلجأ إلى فوق ولا يلجأ إلى يميناً ولا يساراً ولا تحتاً؟!! إن هذا الشعور وهذه الضرورة هي الفطرة التي فطر الله عباده عليها (مناقشة الشيخ الطحان لآراء الدكتور البوطي حول العلو لما جاء إلى دبي وألقى محاضرة في ذلك) .
... وكل نص من كتاب أو سنة مما سبق ذكره هو من حيث وروده هو دليل على الفطرة من النصوص الشرعية، وهو من حيث دلالته هو دليل على ميثاق الفطرة من الفطرة.
٢- وأما الدليل الخلفي البدعي فالنوع الأول منه:
دليل العقل المتعمق المتكلف فيه من جوهر وحيز وعرض وغيرها من الاصطلاحات التي نعتها المتكلمون وعكفوا عليها كما عكف المشركون على الأصنام.