.. وهذا التفسير رده الإمام ابن جرير في أول الأمر وقال:"إن الرواية الثابتة عن ابن عباس في تفسير الكرسي وهو موضع القدمين، هي المعتمدة" ثم انتكس الإمام ابن جرير عليه رحمة الله في تفسيره عند آية الكرسي فنقل هذه الرواية الشاذة وقال هي المعتمدة في تفسير الكرسي، فبعد أن قرر أن القول الأول هو المعتمد نقضه وقال القول الثاني هو المعتمد وهذا عجيب من مثل الإمام ابن جرير، وقد قرر الإمام ابن جرير هذا القول الشاذ بقوله تعالى حكاية من الملائكة (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً) ، وهذا الاستدلال في الحقيقة لا يتناسب مع حذق الإمام ابن جرير وفهمه لأنه يلزم على قوله أن يفسر الكرسي بالرحمة كما فسر بالعلم، لأن ذكرت الآيتين، ثم إنه لا مناسبة بين الكرسي والعلم، لأن الكرسي واحد الكراسي وهو معروف، والعلم معروف فلا مناسبة بينهما ولو صح تفسير الشيء بما لا يدل عليه في لغة العرب لصح أن نفسر بعد ذلك الأحكام الشرعية كما نريد (١) وهذا التفسير تبناه محمد عبده في هذا العصر وعليه جمهور المؤولة.
رابعهما: تبناه الرازي في تفسيره فقال: لا يصح تفسير الكرسي بالعرش ولا تفسيره بالعلم فقد دلت الآثار على أنه جسم عظيم أعظم من السموات والأرض – وهذا كله حق مقبول لكن انظر بعد ذلك للانتكاس يقول: لكن الرواية الثابتة عن ابن عباس موهمة مشكلة فيجب أن نقف نحوها موقفين:
(١) فالله جل وعلا يقول: (كتب عليكم الصيام) فيأتي الباطنية ويفسرون اللفظ بما لا يدل عليه فيقولون: الصيام هو حفظ سر الشيخ فهذا هو معنى الصيام عند الدرزية والنصيرية، وعندهم – الباطنية – الحج هو زيارة الشيخ، ويقولون في الآية: (حرمت عليكم أمهاتكم) المقصود (بأمهاتكم) عندهم: مراتب شيوخهم، فلا تتمنوا رتبة الشيخ، أما أمك فلا حرج عليك في وطئها – وهذا كله عندهم – وكذلك لا حرج في وطء أختك أو بنتك!! فهذا كله يشبه تفسير الكرسي بالعلم لأنه من قبيل تفسير اللفظ بما لا يدل عليه.