.. والإجماع على هذه المسألة ليس في هذه الأمة بل هو إجماع بين المِليين أي الموحدين منذ آدم إلى يوم القيامة، أجمعوا على هذا وأن الله على عرشه فوق سماواته.
... قال الشيخ عبد القادر الجيلاني – كما في الذيل على طبقات الحنابلة – (١/٢٩٦) : "العلو لله جل وعلا مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل" أي ذكر الله جل وعلا هذا في الكتب المنزلة على الرسل التي أرسلهم عليهم الصلاة والسلام، فهو متفق عليه في الكتب، كل رسول يشير بهذا إلى قومه.
... وثبت عن الإمام الأوزاعي أنه كان يقول:"كنا نقول والتابعون متوافرون الله فوق عرشه على سمواته بائن من خلقه" أي منفصل عن خلقه ليس حالاً فيهم ولا حالون فيه.
... ولذلك قيل للإمام أبي حنيفة: ما تقول فيمن لم يعرف أين الله؟ فقال: إنه كافر، فقيل له: ما تقول فيمن قال إن الله على العرش لكن لا أعلم أين العرش؟ فقال: هو كافر.
... وقال الإمام ابن خزيمة في كتابه التوحيد: من أنكر العلو يستتاب – فإن تاب وإلا ضربت رقبته، ثم لا يدفن في مقابر المسلمين ولا اليهود ولا النصارى.
٤- وأما العقل الصريح:
... وقد دل على علو الله سبحانه وتعالى على مخلوقاته، على مرحلتين وبخطوتين:
المرحلة الأولي: العقل يقول ويقرر "كل موجودين لابد لهما إما من الاتصال أو الانفصال، واتصال الخالق بالمخلوقات أو المخلوقات بالخالق وامتزاج أحد الموجودين بالآخر مستحيل لأنه يؤدي إلى جعل المخلوق عين الخالق وجعل الخالق مخلوقاً، ويؤدي إلى القول بالحلول ووحدة الوجود وأن كل شيء هو الله.
فإذا انتفى الاتصال ثبت الانفصال، وأفضل كلمة قالها أئمتنا في التوحيد ما قاله الإمام الجنيد: "إفراد الحادث عن القديم" أي تمييز الحادث المخلوق عن القديم الخالق، فكلاهما منفصل عن الآخر ولا يحل واحد منهما في الآخر.