للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثال هذا ماثبت فى مسند الإمام أحمد وسنن الترمذى بسند حسن عن عدى ابن حاتم رضى الله عنه أن النبى عليه الصلاة والسلام قال [اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون] ففسر نبينا عليه الصلاة والسلام قول ربنا جل وعلا: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} باليهود والنصارى فاليهود مغضوب عليهم والنصارى ضلال هذا من باب تفسير العام لنوع من أنواعه ومن باب التمثيل لما يدخل فى هذا العام لكن يعنى بذلك القصر لا فكل من اتصف بالانحراف عن العلم وتحريف كلام الله عن مواضعه فهو مغضوب عليه كحال العلماء الفجرة الذين يشترون بآيات الله ثمنا قليلا من هذه الأمة والأمم السابقة وكل من عبد الله على غير طريقة مرضية يحسب أنه مهتد ومصيب وهو مأجور والأمر بخلاف ذلك فهو ضال فالمبتدعون فى هذه الأمة العباد الذين عبدوا الله على رأيهم وهواهم حكمهم كحكم الضالين من النصارى طريقتهم ضالة والعلماء الفاجرون من هذه الأمة حكمهم كحكم اليهود عليهم غضب الله.

وهذا ما قرره ربنا جل وعلا فى كتابه: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} ، والمقت أعظم أنواع الغضب فالعالم عندما يحرف كلام الله ويخلف عمله علمه ويتصف بوصف اليهود هو مغضوب عليه ويدخل فى عموم قول الله: {غير المغضوب عليهم} علم بلا عمل طريقة اليهود عمل بلا علم طريقة النصارى ولذلك من اتصف بأحد هذين الوصفين يدخل فى عموم الآية وليس هذا من باب قصر وحصر الآية فى اليهود والنصارى فكل من عبد الله على حسب رأيه وهواه فهو ضال سواء كان فى الأمم السابقة أو فى هذه الأمة وكل من ضل على علم وانحرف عن العمل بعلمه فهو مغضوب عليه يحرف كلام الله عن مواضعه ويشترى بآيات الله ثمنا قليلا فهذا تفسير العام بنوع من أنواعه وفرد من أفراده.