وقال جل وعلا فى سورة الحشر:{للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون * والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون * والذين جاؤوا من بعدهم يقولون} يقولون، يقولون حال من المعطوف أو من المعطوف عليه؟ من المهاجرين والأنصار من الذين جاؤوا بعدهم من غير المهاجرين والأنصار فحال من المعطوف لا من المعطوف عليه وهنا يكون الأمر كذلك وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم وهم مع كونهم يعلمون تفسيره {يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب} فهذا إذن كحال العلم بتأويل المتشابه فمن قال إن المراد من المتشابه الحقيقة التى يأول إليها الشىء يأول إليها اللفظ فقال الراسخون فى العلم لا يعلمون تأويل المتشابه {هل ينظرون إلا تأويله} أى إلا وقوعه يوم يأتى تأويله وقوع يوم القيامة.
ومن قال إن المراد من التأويل التفسير {نبئنا بتأويله} بتفسيره قال إن الواو عاطفة وهنا كذلك من منع من علمائنا من التفسير بالرأى أراد به الرأى الذى لا يستند إلى نصوص الشرع وقواعد اللغة.
ومن قال من علمائنا إن التفسير بالرأى جائز أراد الرأى الذى هو رأى محمود يوافق قواعد اللغة ونصوص الشرع.
ومثل هذا ونظيره الحكم بما أنزل الله عدم الحكم بما أنزل الله ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون هم الظالمون هم الفاسقون قلت هنا اختلفت العبارات سابقة لاختلاف الاعتبارات فالذى يحكم بغير ما أنزل كافر ستر الحق وجحده ظالم تجاوز من الهدى إلى الردى والضلال فاسق خرج من الحق إلى الباطل.