وأما إذا شهروا السلاح ولم يقتلوا نفسا ولم يأخذوا مالا ثم اغمدوه أو هربوا أو تركوا الحراب فإنهم ينفون فقيل نفيهم تشريدهم فلا يتركون يأوون في بلد وقيل هو حبسهم وقيل هو ما يراه الإمام أصلح من نفي أو حبس أو نحو ذلك والقتل المشروع هو ضرب الرقبة بالسيف ونحوه لأن ذلك أوحى أنواع القتل.
أحكام أهل الذمة ج: ٢ ص: ٨٦٤
وكل منهما يعلم أنه يقاتل عصبية لا على حق فهؤلاء تضمن كل طائفة ما أتلفته على الأخرى وفي ذلك نزل قوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى".
والمحاربون قطاع الطريق العالمون بأن ما فعلوه محرم يضمنون وإذا تابوا قبل القدرة عليهم سقطت عنهم حدود الله كما تسقط عن الكفار الممتنعين إذا أسلموا قبل القدرة عليهم.
وهل يعاقبون بحدود الآدميين مثل أن يقتل أحدهم قصاصا فيه قولان للعلماء قيل يؤخذون بحقوق الآدميين كالقود وقيل لا يؤخذون وما كان معهم من أموال الناس يؤخذ بلا نزاع وما أتلفوه هل يضمنونه مع العقوبات البدنية فيه نزاع كالسارق فإنه إذا وجد معه المال أخذ سواء قطعت يده أو لم تقطع.
وإن كان قد أتلفه فهل يغرم مع القطع على ثلاثة أقوال قيل يغرم كقول الشافعي وأحمد وقيل لا يغرم كقول أبي حنيفة وقيل يغرم مع اليسار دون الإعسار كقول مالك.
والمقصود هنا أن قوله تعالى:"وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة" دل به على أن المحاربين لا يرثون المسلمين.