ومازلنا اخوتي الكرام: في المبحث الأول في تعريف البدعة: فهي الحدث في الإسلام عن طريق الزيادة أو النقصان مع زعم التقرب بذلك إلى الرحمن، ولا يشهد لذلك الحدث نصوص الشرع الحسان.
نحو هذا التعريف السديد للبدعة، ظل فرقتان من الأنام، فرقة أفرطت فوسعت تعريف البدعة وأدخلت فيها ما ليس منها، وفرقة فرطت فضيقت مفهوم البدعة فألفت البدعة من الدين كلاً أو بعضاً، والفرقتان على ضلال، وتدارسنا ضلال الفرقة الأولى، وقبل أن ننتقل إلى هذيان الفرقة الثانية التي ألفت البدعة من الدين، قلت يحسن بنا أن نتدارس بين هذين الفرقتين الضاليتن معالم ثلاث تنفعنا في الرد على هاتين الفرقتين وتنفعنا في حياتنا، وهذه المعالم.
الأول: تشريع الأحكام من خصائص ذي الجلال والإكرام، ولا يجوز لأي إنسان أن يدخل عقله في أمر الحلال والحرام، ومن استحسن فقد شرع في الدين ما لم يأذن ذي الجلال والإكرام.
والمعلم الثاني: منزلة الاجتهاد في شريعة رب العباد، وقد تقدم الكلام عن الاجتهاد وفي هذه الموعظة سنتكلم على أمرين اثنين ينبغي أن نعيهما تمام الوعي.
أولهما: إن المجتهدين ليسوا بمشرعين.
وثاني الأمرين: إن اجتهاد أئمتنا الفقهاء ثروة فقهية وهذه الثروة هي من أعظم معجزات نبينا عليه الصلاة والسلام، وإليكم تفصيل هذين الأمرين.