والأمر الثانى مرتبط به وهو ضرورى فى بيان الفروق الحقيقية بين الشريعة الربانية والقوانين الوضيعة الوضعية
هذه إخوتى الكرام لا بد من بيانها أيضا الفروق المعتبرة بين شريعة الله المطهرة وبين القوانين الوضيعة الوضعية التى شرعها الكفرة الفجرة
هذا الأمر الثانى أترك الكلام عليه إن شاء الله إلى الموعظة الآتية بعون الله وتوفيقه
أما فى هذه الموعظة كما قلت سنتدارس معنى علم الفقه
لفظ العلم إخوتى الكرام تقدم معنا بيان منزلة العلم وفضلة ورتبة العالم ودرجته وما عرفت معنى العلم فى لغة العرب ما معناه وعلى أى شىء يدل وما معنى العلم فى الاصطلاح عند أئمتنا الكرام ونحن الآن مضطرون لتعريفه لأن علم الفقه لا يمكن أن يعرف هذا العلَم المركب إلا بعد معرفة مفرديه عندنا علم مضاف, الفقه مضاف إليه والأصل أن نبدأ فى تعريف المضاف إليه لأن المضاف لا يعرف إلا بعد معرفة المضاف إليه ولا مانع أن يبدأ بالمضاف لأنه سبق فى الذكر والأمر يسير أبدأ به لأن لفظ العلم تقدم معنا كما قلت فى الموعظة الماضية
العلم إخوتى الكرام يطلق فى لغة العرب على معنيين اثنين:
المعنى الأول على الاعتقاد الجازم إذاً يقين قطع ومنه قول الله جل وعلا {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم}[محمد/١٩]
فاعلم المراد من العلم هنا الاعتقاد الجازم القطعى الذى لا تردد فيه بوجه من الوجوه والعقائد يطلب فيها اليقين والقطع (فاعلم أنه لا إله إلا الله) لو كان يعلم صحة هذه القضية بالمائة تسعة وتسعين وهو يشك فى واحد من مائة فى وجود رب العالمين سبحانه وتعالى أو فى استحقاقه للعبادة أو باتصافه بكل كمال وتنزه عن كل نقصان واحد فقط يشك بالمائة أو لا يشك يظن ما صح اعتقاده إلا أن يجزم جزما قاطعا