صاحبه أيضا حكمة تامة وُضعت الأمور فى مواضعها فهو من تنزيل من حكيم حميد هذه الأمور الثلاثة مر الكلام عليها ووقفت عند الفرق الرابع من الفروق التى سنتدارسها وقلت إنها خمسة عشر فرقا
أول الأمور التى سنتدارسها وهى الفرق الرابع وهى الفرق الرابع الفارق الرابع بين شرع الخالق وشرع المخلوق
شرع الخالق إخوتى الكرام فيه هدى ونور وإرشاد العباد إلى أرشد الأمور هدى والهداية تقدم معنا بيانها عند تفسير قول ربنا اهدنا الصراط المستقيم وقلت الدلالة برفق وسهولة ويسر وشريعة الله جل وعلا حوت هذا المعنى فقد دلتنا إلى ما يسعدنا فى دناينا وآخرتنا برفق ولطف ويسر وسهولة حسب ما يتناسب مع فطرتنا التى فطرنا عليها ربنا سبحانه وتعالى (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) وكل شرع يمشى عليه الإنسان فى هذه الحياة يتصادم مع فطرته ولا يحصل منه إلا الشقاء العاجل مع العذاب الآجل
{ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى}[طه/١٢٤]
إذاً فى شريعة الله الهدى والنور وإرشاد العباد لأقوم الأمور وتقدم معنا مرارا أن شرع الله لعقولنا كالشمس لأعيننا وأن شرع الله لحياتنا كالماء للسمك فكما أن السمك لا يحيا بدون ماء فهذه البشرية لا يمكن أن تسعد فى هذه الحياة بدون الشريعة الغراء التى أنزلها الله على نبيه خاتم الأنبياء على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
وهذا المعنى أشار الله إليه فى آيات كثيرة وكما قلت فى الموعظة الماضية هذه الأمور تحتاج إلى شىء من الإيجاز فيه لننتهى منها ونشرع فى مدارسة الفقه وإلا فكل فرق من هذه الفروق يحتاج كما قلت إلى موعظة كاملة
يقول الله جل وعلا فى سورة النساء
{يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا}[النساء/١٧٤]