والتقدير (ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون عند قوم يوقنون) فمَن الذى يقر بسلامة حكم الله وأحسنيته وسداده وصوابه مَن الموقنون المتقون المهتدون العاقلون أما الجاحدون المكابرون فقد أعرضوا عن الانتفاع بشرع الحى القيوم وبعد ذلك تكلموا بالباطل ووصفوه بما وصفوه به من سحر وكهانة وشعر وأساطير الأولين اكتتبها (ومن أحسن من الله حكما عند قوم يوقنون) عند الموقنين يرون أن هذا الحكم هو أحسن أحكام المكلفين وهو أحسن أحكام للمكلفين فهو أحسن الأحكام للناس وهو أحسن الأحكام عند الأكياس وعليه من لم يوقن فيطعن فى القرآن وعليه من طعن فيه فهو ممن غضب الله عليه وممن لا إيقان فى قلبه وليس هو من عِداد العقلاء وواقع الأمر كذلك (ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) عند قوم يوقنون سبحانه وتعالى
أحسن الحديث
وأشار الله إلى هذا المعنى فى سورة الزمر فقال جل وعلا
{الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد}[الزمر/٢٣]
(الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها)
قوله متشابها أى متماثلا فى الفصاحة والبلاغة والإعجاز ومتشابها فى الأهداف الشريفة الحميدة التى تتضمن الغايات النبيلة الجليلة متشابها متماثلا
وهنا المراد من التشابه التشابه اللغوى وهو التشابه العام فى القرآن وتقدم معنا أنه أيضا محكم كله (الر *كتاب أحكمت آياته) كما تقدم معنا فى أول سورة نبى الله هود على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه (كتاب أحكمت آياته) وهكذا قول الله (تلك آيات الكتاب الحكيم) كله محكم وكله متشابه