للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثب هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال حياة طيبة في هذه الحياة يطمئن قلبك بذكر الله وأمرك كله خير وتنشرح نفسك وتقر عينك، وتذوق طعم الإيمان، وتخالط حلاوة الإيمان وبشاشته قلبك، فأي إذاً حياةٌ أفضل من هذه الحياة، {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} نعم في هذه الحياة يحصل المؤمن حياة طيبة ولا يحصلها غير المؤمن كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم [إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن] {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} قال الأمام الرازي عليه رحمة الله (إن المؤمن في هذه الحياة يشعر بالسعادة واللذة ولا يحصل هذا سواه ثم قرر هذا بعدة أمور فقال أولاً: المؤمن يعلم رزقه بتقدير الله وتدبيره سبحانه وتعالى فلا يزيد ولا ينقص ويعلم أن الله محسن في ذلك التقدير وذلك التدبير، {الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم، هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء، سبحانه وتعالى عما يشركون} وإذا علم الإنسان هذا يرضى عن الله ويرضى بما قسم له، الأمر الثاني: المؤمن في هذه الحياة يعلم طبيعة الدنيا وتقلباتها ونتنها ومرارتها فلا يجزع على يصيبه فيها، ولا هو كما قال أئمتنا:

طبعت على كدر وأنت تريدها ... صفواً من الأقذار والأكدار

ومكلفٌ الأيام ضد طباعها داعِ ... متطلب في الماء جذوة نار فيها

فإذا أصبت بضر، بأذى، بموت حبيب، لا يضر صدر، هذه طبيعة الدنيا، هذه طبيعة الدنيا، ولذلك يلهج المؤمن بالحمد لله وترى قلبه راضياً عن الله وهو مسروراً في جميع أحواله.

الأمر الثالث: يقول الإمام الرازي: غاية المؤمن في هذه الحياة، أن ينال رضوان رب الأرض والسماوات، ولذلك يكرر هذه المقولة المباركة [إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي] أصيب بضر، بنكبة، بأذى إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، ويعذب ويقول أحدٌ أحد، لا إله إلا الله وحده لا شريك له.