والخامس: وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم عندما انحرفوا عن شريعته تخبطوا في هذه الحياة مع الشقاء الذي سيحصلونه بعد الممات، {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} ، حياة في هذه الحياة، حياة طيبة في الدار الثانية التي يسكنها الإنسان وهي دار البرزخ، وثبت هذا عن السُدَّي وعن شريك بن عبد الله النخعي قال حياة طيبة نعيم القبر، والقبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار وأنا أقول الحياة الثانية مترتبة على الأولى فمن لم يحيى حياة طيبة في الدنيا لن يحيى حياة طيبة في البرزخ، ولذلك كان أئمتنا يقولون في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، وجنة الدنيا محبة الله والإيمان به واتباع رسوله عليه الصلاة والسلام.
والمعنى السادس: روي عن مجاهد وقتادة والحسن البصري وجمع غفير من التابعين، حياة طيبة في الآخرة ـ قال الحسن البصري: والله لا تطيب الحياة إلا في الجنة، ونعم ما قال وهذه أكمل الدور التي تحصل فيها أطيب حياة، لكن الحياة الطيبة في الجنة من يحصلها؟ الطيبون: الذين طابت حياتهم في الدنيا ونعموا في البرزخ فيسعدون بعد ذلك عند لقاء ربهم كما ثبت في المسند والصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال قال الله تعالى [أعدت لعبادي الصالحين ما لا يعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر] إن هذه الدار هي أكمل الدور وأطيب الدور، إنما من لم تطب حياته في هذه الحياة لن تطيب حياته بعد الممات، حياة طيبة في الدنيا، حياة طيبة في دار البرزخ، حياة طيبة في دار الآخرة.