وأما ذاك فخلق من ماءٍ وطين، وهذه العلة استنبطها الإمام الحبر الإمام التقي كما قلت في سنن ابن ماجه -رحم الله أئمة المسلمين أجمعين-.
إذاً المرأة تميل إلى الرجل، والرجل يميل إليها، فلابد من فصلٍ بينهما ما أمكن وإذا أردت أن تتحقق، وأن تتأكد، وأن تعلم مدى تعلق كل من الصنفين بالآخر، لاسيما تعلق النساء الفرع بالرجال بالأصل، فاسمع إلى قول الله جل وعلا عندما تحدث عن النساء وأمرهنَّ بالحجاب في سورة النور فختم الآية بقوله:{وَلا يَضْرِبْنَ بَأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلىَ اللهِ جَمِيعَاً أيُّه الْمُؤْمِنُونَ لَعْلَكُمْ تُفْلِحُونَ}(١) .
وقد قرر أئمتنا الكرام عند تفسير هذه الآية، أن طبيعة كل من الصنفين، أن تتعرض للصنف الآخر، فما شعر رجل بأن امرأة تسمعه أو تراه إلا أحدث كلمةً، أو حركةً، أو همهمةً، هو في غُنيةٍ عنها، إنما من أجل أن تصل هذه الحركة إلى المرأة، وما علمت المرأة أن رجلاً يراها أو يسمعها إلا أحدثت كلمةً، أو حركةً، أو همهمةً، أو أسلوبا من الأساليب، لتصل إلى قلب الرجل هي في غُنية عن تلك الحركة والكلمة والهيئة، وهذا قول الله الذي يعلم السر وأخفى {وَلا يَضْرِبْنَ بَأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} سبحان الله عليها الجلباب والحجاب وتمشي، لكن إذا شعرت برجل، دقت الأرض برجلها لتجلب انتباهه إليها. إذا الأمر كذلك فيستحسن أن نفصل بينهما ما أمكن.
{يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ} اكتملت فيهم الرجولة هم أهل الشهامة والكمال، وهؤلاء الرجال ليسوا بإناثٍ ولا نساء، فالجماعة مطالب بها الذكور العقلاء.