٣. وهناك قسمٌ ثالث لم تكتمل الحياة في قلبه ولم تفارق الحياة قلبه. ففيه حياة ولكن فيها ضعف ونقص فهو في حالة مرض ونفس صاحب هذا القلب نفس لوامة تلومه وهي ملومة ومتلومة لا تثبت على حال، تتردد بين الخير والشر، والمعصوم من عصمه الله.
إخوتي الكرام..
وتقدم معنا أن ضابط النفس الطيبة الحية المطمئنة، انه يوجد فيها أمران، معرفة للحق وعمل به اكتملت القوة العلمية والقوة العملية فيه، وإذا فرط الإنسان في أحد هذين القسمين فقلبه ميت موتا لا حياة فيه، أو مريض مرضاً يفقد تمام الحياة عندما يصاب بالشبهات أو الشهوات، وقد خشي علينا نبينا صلى الله عليه وسلم الوقوع في أحد هذين المرضين، وأخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه لا يخشى علينا إلا أحد هذين الأمرين، ففي مسند الأمام أحمد ومعاجم الطبراني الثلاثة والحديث رواه البزار وأبو يعلى بإسناد جيد عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول [إنما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى] فخشيت نبينا - صلى الله عليه وسلم - من حصيلة في هذين الأمرين شهواتٌ أو شبهاتٌ تفسدان القوة العلمية أو القوة العملية في الإنسان.
إخوتي الكرام..
وتقدم معنا في الموعظة السابقة، موقف الشيطان نحو أقسام قلوب بني الإنسان، فالشيطان لا يقترب من القلب الحي الطيب وليس له عليه سبيل ولا يقترب أيضاً من صاحب القلب الميت السقيم للإلا يضيع وقته فيه، فحال صاحب ذلك القلب كما قلت كحال الشيطان الرجيم، إنما مجال الشيطان في القلب المريض الذي لم يفقد تمام الحياة ولم تكتمل فيه الحياة، فهو يكر على ذلك القلب عندما يغفل الإنسان عن الرد وهو يفر عندما يذكر الإنسان ربه.